الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: جامعة بلا ورق


خواطر أكاديمية

جامعة بلا ورق


ديسمبر 2009



د. محمد بن سعد المعمري


تواجه عملية الانتقال من الطرق التقليدية إلى الطرق الإبداعية الحديثة في العادة عدة عقبات؛ فعلى مدى سنوات طويلة استحكم التعامل بالورق في المعاملات الديوانية والمكتبية وأصبح روتينًا راسخًا لا يمكن الحياد عنه، أما ألان فقد انتقل الورق إلى الهامش، وأضحت عملية الاستغناء عنه في المجالين الاكاديمي والبحثي واقعًا لا يمكن تجاهله، فنحن نعايش الآن خطوات منتظمة ومتسارعة لتحويل المناهج الأكاديمية إلى إلكترونية محملة على الشبكة العنكبوتية أو على بعض الوسائط الحديثة، ويبدو ذلك واضحًا في الاستخدام المتزايد للتواصل الإلكتروني وما يحظى به من قبول ملحوظ في أوساط المتعاملين. ونتمنى أن يعمَّ الاستخدام الإلكتروني العمليات الإدارية كافة. ولا شك أن الجهود المبذولة الآن لا تزال محدودة ولم تتطور إلى استراتيجية يتبناها الجميع مدعومة بنظم إدارة حديثة تتطوع لتوافق متطلبات الجامعة. فتصوير التعاميم والمشاريع والتعيينات والترقيات والنشر مع تصنيفها وتوزيعها وتجليدها تستهلك كميات كبيرة من الورق وأسطوانات الحبر، وتهدر وقتًا ثمينًا للعاملين في إعدادها، فضلاً عن تأخر وصولها إلى المعنين عبر البريد التقليدي، إضافة إلى إجراءات استقبالها وفرزها وحفظها والرد عليها. فتلك تكلفة مالية عالية جدًّا؛ خاصة إذا أضفنا لها قيمة المهدر من الأوقات. وفي المقابل لا يمكننا إغفال سرعة إنجاز العمليات الادارية والاكاديمية عند مكننتها أليا وانعكاسها على مدى رضى أصحاب المصلحة من طلاب وأعضاء هيئة تدريس والعاملين كافة. وللأسف لا توجد لدينا إحصائيات دقيقة عن كمية الورق المستخدم وحجم التكلفة المصاحبة لكل ورقة!! لكن إحدى جامعاتنا السعودية قدَّرت أن كمية الأوراق المستخدمة لمجلسها العلمي تبلغ عشرين ألف ورقة أسبوعيًّا. ولذا فإن عملية الانتقال إلى آليات العمل دون ورق تتطلب جهدًا مؤسسيًّا وقرارًا استراتيجيًّا لحصر كل العمليات الأكاديمية والإدارية وتوفير الإمكانات البشرية والإدارية التى تُحيل تلك العمليات إلى تعاملات آليه بحتة. وبالطبع فإن عملية التغيير لن تكون سهلة أيضًا على مستوى مستهلك تلك الخدمات؛ خاصة إذا كان تقليديًّا لا يؤمن إلا بالتعامل الورقى ويستصعب التعامل مع التقنية. عليه تلزمنا تهيئة وتعزيز مهارات التعامل الإلكتروني وتوفير النهايات الطرفية التى تُمكِّن الجميع من الوصول إلى تلك الانظمة، كما أن إتاحة الوصول إليها خارج جدران الجامعة؛ ترفع قدرة التواصل بين كافة أصحاب المصلحة. وقد بيَّنت تجربة العديد من القطاعات تحسُّن عامل الرضى لدى المستهلكين بشكل كبير عند مكننة العمليات بنظم سهلة التطبيق.. ونتطلع مع اقتراب تسلُّم مشاريع المدن الجامعية الجديدة وما تحويه من تقنيات ذكية، إلى إطلاق شعار: "جامعة بلا ورق".

الجمعة، 20 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية : المنهج ... كائن حي

خواطر أكاديمية

المنهج ... كائن حي

نوفمبر 2009

د. محمد بن سعد المعمري

تعد إدارة المناهج وتطويرها من التحديات الكبيرة للعملية الأكاديمية، فنتيجة للتقدم الكبير والتوسع السريع في المعرفة بشكل عام ومجالات البحث العلمي بشكل خاص، أصبحت عملية تطوير المناهج وادارتها عاملا مهما في استمرارية نجاح أي منشـأة أكاديمية وقدرتها على التميز والابداع والمشاركة الفاعلة في المجتمع. ويزداد التحدى في المجال الصحي لتسارع المتغيرات وارتباطها بنظام صحي يزداد تعقيدا وتطورا. فمهما بلغ تأهيل عضو هيئة التدريس ومهما بلغت البنى التحتية، فإنها لا تؤدى الى تعليم كفائته عالية النوعية من مضمون وطرق ووسائل بدون تحديد الثابت والمتغير في المناهج. فعندما تطغى الثوابت على المتغيرات، يكون المنهج جامدا ويفقد تدريجيا موائمته لاحتياجات المجتمع وجودة المخرجات التعليمية. والعكس صحيح عند تطغى المتغيرات، يفقد المنهج ثباته واستقراره وتناسق أداء أعضاء هيئة التدريس معه وعدم مواكبة وسائل التعليم له. فالثابت مثلا يشمل وجود الاهداف التعليمية والمحتوى المعرفى والمهارات الاساسية، وتنظيم المقرارت الاكاديمية، وتطبيق طرق تعليم حديثة، واستخدام الوسائل التعليمية الاليكترونية المتطورة، وتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس، وتطبيق طرق تقييم وتغذية راجعة مناسبة. أما المتغيرات فتشمل المراجعة الدورية المستمرة لمحتوى الثوابت المذكورة آنفا، والتأكد على موائمتها وتطويرها، كما تشمل أيضا المراجعة المرحلية بناء على ما ينتج من مراجعة دورية وما يستجد من معارف ومهارات وتقنيات. أما الجانب الأخر فهو إنغماس القائمين على العملية التعليمة بجوانب ادارة المنهج وتشغيله والتعامل مع المشاكل اليومية من نقص في أعضاء هيئة التدريس وتضارب المواد وتجهيز الامتحانات، ويكون ذلك على حساب تطوير المناهج واحداث التغيرات الضرورية والاساسية في الأهداف التعليمية وطرق التعليم والوسائل المطبقة وطرق التقويم. وينتج عن التركيز الكبيرعلى ادارة المنهج وتشغيله جمودا تدريجيا حتى يصبح للمناهج قدسية تؤدى مع مرور الوقت إلى مقاومة أي تغيير أو تطوير. إن العملية المنظمة لتطوير ومراجعة المناهج تؤدى إلى تحفيز القائمين عليها بعمل مراجعات دورية والنظر في توافق مخرجاتها التعليمية مع حاجة المجتمع وسوق العمل، لذا فالمنهج يتفاعل ككائن حي يتأثربالمدخلات وتؤثر عليه المخرجات ويتجاوب سلبا أو ايجابا مع العوامل المحيطة به من اعضاء هيئة تدريس ونوعية الطلاب والطرق والوسائل التعليمية والبيئة الاكاديمية بحيث يستمر في النمو في مراحل متعاقبة ليحقق أهدفه المرجوة.

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: جامعة المستقبل في يوم الوطن


خواطر أكاديمية


جامعة المستقبل في يوم الوطن


أكتوبر 2009



د. محمد بن سعد المعمري


يحمل لنا بداية العام الأكاديمي 2009/2010 عدة مناسبات كل منها يستحق أن يفُرد له موضوع مستقل. في البدء نرحب بطالبتنا وطلابنا في بداية العام الجديد، نرحب بالمستجدين منهم في كافة الكليات، كما نرحب أيضا الى من أنضموا الينا في برامج الدراسات العليا المختلفة. وإزدانت إحتفالية العام الأكاديمي الجديد بثلاث مناسبات أخرى عزيزة علينا في الاسبوع الماضي، عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم باليمن والمسرات، وافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في يوم الوطن. فاليوم الوطنى ذكرى عزيزة على قلوبنا تحمل عبق التاريخ على مدى ثلاثة ارباع القرن، ملحمة قل أن يجود التاريخ بمثلها انطلقت قبل أكثر من قرن ليعيد المؤسس توحيد أرجاء الوطن في نسيج متناسق متكامل وكيان فرض مكانته عاليا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. جاء المؤسس برؤية انبثقت من عزيمة صادقة قوية تُبشر ببزوغ فجر جديد يلُم أرجاء الوطن في مشروع عالمي له اولوياته ومصالحه وصداقاته.


وكما استشرف الملك عبدالعزيز هذا الكيان، يأتى الملك عبدالله ليضع تحديات المستقبل امامه ويختار التعليم كأحد أهم الخيارات الاستراتيجية في أجندته لاختصار الزمن معززاَ تكامل مشروعنا الحضاري اقتصاديا واجتماعيا وتربويأ، مشروع ينقل الوطن من متلقى للمعرفة إلى صناعة المعرفة والمشاركة الفاعلة فيها. كما يدشن في هذا اليوم جامعة العلوم والتقنية على الساحل الغربي، جامعة تسعى لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين التى روادته بأن تكون صرحاً عالمياً للابحاث تستقبل طلاب الدراسات العليا المتميزين والمبدعين والموهوبين من مختلف انحاء العالم، ومبشرة بإنطلاقة عصر جديد من الانجاز العلمي في المملكة. فجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، جامعة متخصصة أخرى مثل جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، جامعتان شيدتا في مرحلة جديدة قفز فيها عدد الجامعات من سبع الى ما يزيد على ثلاثين جامعة تضم ما يقارب مليون طالب، بحيث شهدنا في الفترة الماضية جامعة كل ثلاثة أشهر، وخمس كليات كل شهر، وثمانمائة مبتعث كل شهر. فهذه المشاريع الاكاديمية العملاقة سنشهد مخرجاتها خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة وأنها تحمل رسالة هامة تسعى الى سد حاجة سوق العمل ودعم العمل البحثى وتعزيز مكانة المملكة العلمية عالميا.

خواطر أكاديمية: من أين يبداء التغيير؟

خواطر أكاديمية

من أين يبداء التغيير؟

يوليو 2009

د. محمد بن سعد المعمري

يشغل التغيير حيزا كبيرا من الاهتمام لتطوير بيئة العمل، وهذا التغيير لا يكون من أجل التغيير فقط، بل لا بد ان يكون له أهدافا محددة وواضحة. والبيئة الاكاديمية ليست بمعزل عن ذلك بل هناك متغيرات كبيرة تظهرها البراهين العلمية المتجددة التى تفرض التفاعل معها لكي لا تتحول تلك المتغيرات الى ثوابت بفعل الزمن. فالعملية الأكاديمية مثلا لا بد ان تعامل بحيوية وتكون قابلة للتجديد والمراجعة مع مرونتها لأي تغيرات ابداعية. ومما يؤسف له، الجمود الذى أصبح صفة تلازم بعض البيئات الاكاديمية وركونها الى الراحة بتكرار اعادة محتواها ومناهجها بدون أجراء أي مراجعات. أن تغيير البيئات الاكاديمية يبداء بالوصول الى القناعة بأن يكون هناك حاجة ماسة لذلك. وتنبع تلك الحاجة من عوامل داخلية أو خارجية، فالعوامل الداخلية تأتى من قناعة بعض أعضاء هيئة التدريس أو من في حكمهم بإبداء الرغبة لذلك مبنية على التطورات المتتالية في مجال عملهم وأهمية ان يواكبوها لكي لا يتخلفوا عن الركب. وربما أتى التغيير من دافع مؤسسي للتجديد والتطوير ومواكبة الابداع العلمي بفرض أجندة جريئة للخروج من البوتقة التقليدية الى رحاب أوسع وخيارات أفضل. وقد يكون المحرك للتغير نابع من عوامل خارجية مثل تأثر المخرجات التعليمية وعدم مواكبتها لاحتياجات سوق العمل، أو ظهور منافسين جدد يقدمون حلولا أفضل ووسائل تعليمية وتقنية أجود تغرى المتقدمين على التنافس للانضمام الى ركب المطوريين وترك التقليدين يعيشون واقعهم بمنظور الماضى. إن محرك التغيير هو الوصول الى القناعة به كخطوة أولى، وأن تعمم مبادئه وأسسه على قطاع أكبر من المعنيين. فمن عايش عملية التغيير يعرف صعوبة توليد هذه القناعة والأصعب منها تهيئة البيئة المحيطة بالخروج من الروتين المعتاد والنظام الرتيب الى الاستثمار في بناء منهج أكاديمي أو نظام أكاديمي يضمن أستمرارية تفوق المؤسسة التعليمية واستمراريتها. فهناك أمثلة لمؤسسات عريقه لم تعايش عصرها وتغيراته وأستمرت تنظر الى محيطها من أبراج عاجية حتى أهتزت وتأثرت بفعل قوى التحديث المدعومة ببراهين علمية وتوجهات حديثة تواكب متطلبات العصر. إن من المتوقع أن يواجه التغيير الاكاديمي مقاومة وتشكيك بعدم نجاحه، لذلك لا بد ان يكون من خلال خطة عملية متدرجة مع دعم من القيادات الاكاديمية لسياسة التغيير من خلال تبنيها رؤى وقيم واستراتيجات حديثة وجديدة تضمن استمرارية نجاح ونمو المؤسسة التعليمية.

خواطر أكاديمية: البعد الأكاديمي ... والتمييز في المجال الصحي

البعد الأكاديمي ... والتمييز في المجال الصحي

د. محمد بن سعد المعمري

يعد الوصول إلى التمييز في المجال الصحي أحد التحديات الكبيرة التى تواجه أي قطاع. فلا يكفى أن تكون هناك منشأت ضخمة وأجهزة متقدمة إذا لم يكن هناك تنمية شاملة للقطاع ليتماشى مع تلك الانجازات المادية. وبطبيعة الحال أن يسعى أي قطاع إلى تطبيق معايير مهنية عالية وعملية تطوير شاملة للوصول إلى التمييز، لكن عند عمل مسح سريع لأفضل القطاعات الصحية عالميا، نجد أن هذا التمييز أتى من قوة القطاع الاكاديمية والبحثية، فمنشأت متقدمة مثل مايو أو كيفلاند كلينك عرفت بتميزها البحثي وقوة مخرجاتها التعليمية، مما ساهم في جذب أفضل الخبرات لديها مساهمة في رفع أسهمها عاليا في مجال الخدمة الصحية. وتعتبر تهيئة البيئة الاكاديمية والبحثية من العوامل الهامة لأي قطاع يسعى الى التقدم والوصول الى العالمية، و ألية إعاد التأهيل عملية معقدة ومركبة وشاملة في نفس الوقت. وأبعاد تلك العملية وطبقاتها متعددة بحيث تشمل جوانب الدعم القيادي، وتطويع الانظمة، وتسهيل تطبيقها، مع تعزيز مهارات الفرد العامل بمختلف الدرجات. ويتمثل الدعم القيادي في مراجعة رسالة ورؤية القطاع ليكون البعد الاكاديمي والبحثي عنصرا رئيسا فيهما لما يمثله ذلك من دعم كبير له لتطوير نفسه وشحذ همم العاملين فيه ليقدموا خدمات صحية مبينة على أفضل البراهين وأحدث التطورات مدعومة بالتوجة العلمي المبدع ترجمة لرؤية القيادة. وبطبيعة الحال أن الاتجاة بهذا المنحى يتطلب توافر الدعم الشامل لنجاح تلك الرؤية عبر تسخير أفضل الامكانات. فبدون هذا الدعم القوي لن تؤتى جهود العالمين النتائج المرجوة، وبذلك تسهل عملية تطويع الانظمة نتيجة لهذا الدعم لتقبل مزج الابعاد الاكاديمية والبحثية فيها، بحيث تتحول إلى قيم أساسية للقطاع وبالتالى إلى أهداف استراتيجية. ولأن أي عملية تطوير شاملة لا يمكن أن تتم بدون الفرد، فلا بد أن يكون دعمه عنصرا أساسيا عبر تعزيز مهارته وتطوير قدراته من خلال فعاليات علمية متعددة ومحفزات مجزية ليضيفوا زخما اضافيا للوصول الى الاهداف الاستراتيجة وبالتالى تحقيق رؤية القطاع. إن مثل هذا التوجه لا يمكن أن يتم عبر التنظير بل يتطلب جهدا مضاعفا على مختلف المستويات مع ما يصاحبه من تحديات وعوائق تذلل عبر الجهد المخلص وتحديد مكامن القوة التى تسهل التغلب على أي مصاعب، وتعد المراجعة الشاملة والدورية للقيم والاهداف اساسا هاما للنجاح والتميز.

خواطر أكاديمية: الاعتماد الأكاديمي والمخرجات التعليمية

الاعتماد الأكاديمي والمخرجات التعليمية

د. محمد بن سعد المعمري

أبريل 2009

إن الدعم الكبير الذي يلقاه التعليم العالي عامة والصحي خاصة سيؤدى إلى إستيعاب المزيد من أعداد الخريجين والخريجات نتيجة ارتفاع النمو السكاني وتؤدي إلى سد احتياجات الوطن في العديد من مجالات القطاع الصحي. فعدد كليات الطب القائمة أو المصرح لها بلغ سبعة وعشرون كلية في مختلف المناطق، منها عشر كليات قامت بتخريج أطباء حتى نهاية العام الأكاديمي 2007/2008 م. ومع توقع قيام المزيد من الكليات بتخريج دفعات جديدة أو قبول طلاب لأول مرة، يبرز على السطح قضية هامة ألا وهي نوعية المخرجات التعليمية، ومدى توافر الكفاءات الأكاديمية التى ستثرى العملية التعليمية، وقدرة الكليات الجديدة أو القائمة على أيجاد أو تأهيل أماكن تدريب تنمى القدرات المهنية والسريرية لطلابها. ويواجه التعليم الطبي أيضا معضلة تعدد طرق التعليم من تعليم تقليدى إلى تعليم مبنى على حل المشكلات وتعليم هجين بينهما، كما يحتل اختيار المناهج من جامعات قائمة مشهود لها بالكفاءة أو بناء مناهج جديدة بخبرات محلية أو عالمية نطاقا واسعا من نقاش القائمين على التعليم الطبي. جميع هذه المعطيات فرضت واقعا جديدا لا بد من التعامل معه عبر تكوين هيئة وطنية للقياس والاعتماد الأكاديمي قامت بتدشين فعاليتها بعمل العديد من ورش العمل والفعاليات العلمية لتعزيز مستوى الوعي لدى القائمين على التعليم العالي، وبناء أنظمة وادارات داخلية تهتم بالجودة وتحسين مستوياتها، لكى تبداء عملية التقويم والاعتماد الذاتي المبدئي، ومن ثم التقويم الشامل. إن عملية الاعتماد الأكاديمي تعد حجر الأساس للتأكد من أن جميع الكليات الجديدة تبنى أنظمتها عبر المعايير المعتمدة والمبنية على معايير دولية معترف بها، وتساعد الكليات القائمة على أن تكون متوافقة معها. ومن المأمول أن تسهم هذه العملية في فرز نوعي لكافة الكليات ومدى اتفاقها لكي تبرز وبشفافية مدى تقيد القطاعات الاكاديمية، وكذلك تضع خطوطا حمراء لأى منشأة لا تطبق تلك المعايير وتكشف المكامن التى ينبغى تحسينها بما ينعكس ايجابا على مخرجات تعليمية متميزة. وتكتسب عملية الاعتماد الأكاديمي أهمية كبيرة متى ما كان هناك توسع سريع في التعليم العالي بحيث تحدد خارطة الطريق لأي منشأة لكى تعمل على أن تكون العملية الاكاديمية والمخرجات التعليمية ذات مستوى مقبول ويسد العجز عبر تخريج طلاب متسلحين بسلاح المعرفة والخبرة والمهارات والسلوكيات الضروية للتعامل مع مجالات تخصصهم.

الأحد، 8 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: المهنية في المناهج الطبية

خواطر أكاديمية

المهنية في المناهج الطبية

د. محمد بن سعد المعمري

إستمرت المناهج في الكليات الصحية لعقود من الزمن في تقديم المادة العلمية البحتة على هيئة محاضرات ودروس عملية وتطبيق مباشر على المرضى. وقد كان هذا التوجة مقبولا قبل ان تتقدم الرعاية الصحية بالعديد من الاكتشافات الحديثة ويزداد الوعي الصحي لدى المرضى. وحتمت تلك التغيرات أن يضيف القائمون على تلك المناهج أبعادا أخرى أعمق وأشمل بإضافة المحاور التى تعزز من مفهوم المهنية في مجال العمل وتسعى إلى إدخالها في السنين الأولى من العملية التعليمية. ويتم الحرص على يتم التعامل مع المريض تحت اشراف عضو من أعضاء هيئة التدريس يكون نموذجا يحتذى به في كيفية التواصل مع المريض وأعضاء الفريق الطبي، وكذلك يقدم له النصح والأرشاد عبر التغذية الراجعة. كما يضاف إلى المنهج أهدافا تعليمية متعددة لزيدة المحتوى التعليمي عن العديد من الجوانب مثل معرفة جوانب الجودة في المستشفيات، وأنظمة المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، والقيادة والريادة. و يتم التركيز على تنمية مفهوم العمل الجماعي والتعامل مع اعضاء الفريق الطبي بمختلف أعضائة ومستوياتهم. وتوجد مدارس مختلفة لتعزيز المهنية في العمل مثل المعايير الكندية، والأطر الاسترالية، والبرامج البريطانية، والمقاييس الأمريكية. وتهدف تلك البرامج المختلفة الى الوصول الى تقديم الرعاية الأمنة للمريض بدون تعريضة لاي مضاعفات جانبية أو أخطاء طبية. فعندما يتخرج طالب الطب يكون ملما بالأساست المهنية للمهنة. وتسعى المحاور التى تهتم بالمهنية أيضا إلى توسيع أفق طبيب المستقبل الى الخيارات المستقبلية وكيفية اختيار التخصص وبرامج التدريب والمتطلبات المختلفة. فيساعده على التحضير الجيد والاستعداد المبكر لحياته المهنية المستقبلية. ولم تقتصر المهنية على الطلاب فقط، بل أدخلت في مراحل التدريب في برامج الدراسات العليا المختلفة. وينتج عن تطبيق تلك المواضيع أن يتهيء الطالب على تحمل المسؤولية في بداية مشواره الطويل، ويكون ذلك عبر منهجية واضحة. وطالب الطب اليوم يطالب بما هو أكثر من القراءة والحفظ والنجاح في الامتحانات إلى النظرة الشمولية للرعاية الطبية والصحية المقدمة ضمن فريق عمل متجانس. إن مناهج كلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية تحتوى على تلك المحاور التى تركز على تنمية وتعزيز المهنية وتطوير الذات مع الاهتمام بأن يقدم الطالب الادلة والبراهين على أدائه. فالنتيجة المتواخاة ستكون بحول الله ايجابية على النظام الصحي ككل وتسهم في رعاية طبية أمنة للمرضى.

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

خواطر أكاديمية : العولمة الأكاديمية

العولمة الأكاديمية

د. محمد بن سعد المعمري

شكَّل سعي العديد من الجامعات والمراكز العالمية للخروج من النطاق المحلي والانطلاق في الآفاق الدولية؛ منهجًا حميدًا ساعد على نشر الخبرات الأكاديمية والعلمية خلال العقود القليلة الماضية، فنشأت بموجبه شراكات وقنوات للتواصل فيما بينها؛ بل ومن نتائجه المباشرة علاقات التوأمة مع جامعات ناشئة تحث الخطا لترتفع عتبات في سلم العلوم والمعارف. ولا شك أن تجارب كندا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تعدُّ رائدة في مجال التعاون الأكاديمي والعلمي، فقد تيسَّر لها تسويق ما تراكم لديها من خبرات، فضلاًُ عن فتح أبواب كلياتها ومستشفياتها ومراكز أبحاثها لكافة الطلاب والمتدربين القادمين من مختلف إنحاء العالم. وساعدها ذلك على أن تحوز قصب السبق في العولمة الأكاديمية، وتأكيدًا لهذا القول؛ فإن من النادر أن تجد بلدًا لم ينتفع بعض أبنائه بخبرات تلك الدول وعلومها، ووطننا أنموذج ماثل أمامنا على ذلك. وعلى الرغم من حداثة نشأة جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية؛ إلا أنها لم تتأثر بأي عقبات مصاحبة للبدايات، ولذلك فقد وضعت نصب عينيها تحقيق أقصى قدر من الاستنارة بالتجارب العالمية في المجال البحثي والأكاديمي والإفادة منها، ولتحقيق ذلك ابتعثت المئات من منسوبيها إلى أفضل الجامعات وأعرقها وأشهرها، وسعت إلى تكثيف الدورات والمؤتمرات التي تُعزِّز من قدرات وخبرات الكفاءات الوطنية العاملة لديها، وحرصت في الوقت نفسه على تطبيق مناهج حديثة مستوحاة من تجارب أثبتت نجاحها في جامعات عالمية متميزة ومرموقة. وتوَّجت الجامعة جهودها في هذا المنحى بإنشاء مجلس استشاري عالمي يضم نخبة من علماء وأكاديميين من ذوي الشهرة العلمية الواسعة؛ ليتولى تقديم الخبرة والمشورة التي تضمن المحافظة على المعايير المطبقة في المنظومة الصحية للحرس الوطني وترقيتها. ومن البدهي أن الخروج عن نطاق المحلية إلى مجال أرحب وأوسع سيساهم في تحقيق رسالة هذه المنظومة بتقديم أعلى مستويات الرعاية الصحية، وتوفير التعليم الجامعي الصحي، إضافة إلى تبني وإجراء الأبحاث الصحية والمشاركة في الصناعة الصحية والإسهام في برامج المجتمع بما يؤدي إلى تكاملها وريادتها وتميزها عالميًّا,

خواطر أكاديمية : سلامة المريض في المناهج الطبية

سلامة المريض في المناهج الطبية
د. محمد بن سعد المعمري


يعدُّ الاهتمام بسلامة المريض من الأهداف الرئيسة للقائمين على العملية التعليمية، لأن المناهج الطبية تجاوزت مراحل التدريس المباشر للامراض إلى النظرة الشمولية للرعاية الطبية، فطالب الطب اليوم يتخرج في كليته وهو مزود بمهارات عديدة تؤهل إلى أن يكون طبيبا ملماً بكل ما يساعده التعامل مع المستجدات في مجال المهنة. لذلك حرصت كلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية إلى مزج المحاور التي تهم بسلامة المريض بمناهجها الحديثة، فهذه المناهج تحوي محاور تطوير المهارات الطبية للطالب التى تتطبق منذ بداية الدراسة بالكلية. فطرق التعليم المبنية على حل المشكلات تتيح للطالب مجالا رحبا للنظر في كافة نواحي الرعاية المقدمة للمريض بحيث تتيح له الاطلاع والتعامل مع برامج عديدة مثل برامج الوقاية المختلفة وتثقيف المريض ومعايير الجودة والاطلاع على الانظمة الصحية وطرق البحث. وسعيًا لمزيد من التطوير لتلك المناهج؛ شاركت كلية الطب مع منظمة الصحة العالمية في إعداد ومراجعة دليل شامل لكيفية تطبيق محاور سلامة المريض في مناهج الكلية، وسيُطبَّق هذا الدليل في كليات الطب على مستوى العالم. وتأتي هذه المشاركة نظرًا للمستوى الأكاديمي العالي الذي وصلت إليه هذه الكلية. ويحتوي منهج سلامة المريض على مواضيع عدَّة تُعزِّز من مفهومها، وكيفية تطبيق النظم لتجنُّب الأخطاء الفردية، وكيفية العمل مع الفريق لتقديم رعاية شاملة ومتعدِّدة للمريض، مع كيفية التعامل مع الأخطار التي ربما تواجهه. إن هذا الاهتمام يأتى امتدادا لما تقدِّمه المنظومة الصحية للحرس الوطني من برامج متعددة ومختلفة تستهدف تحقيق رعاية آمنة للمريض بتطبيقها لأعلى المعايير العالمية. فزرع بذرة مفاهيم سلامة المريض في بداية الحياة العملية لأي طبيب؛ يؤهله إلى تقديم رعاية طبية آمنة أثناء ممارسته العملية، وهذا بدوره يساهم في تقليل الأخطاء الطبية.

الأحد، 27 سبتمبر 2009

الحوار الوطني: د. المعمري: الاهتمام بسلامة المريض هو الأساس الذي يبنى عليه أي نظام صحي

أكد على أن سلامة المريض وتجنب الخطأ الطبي بدايتهما من مقاعد الكلية:

د. المعمري: الاهتمام بسلامة المريض هو الأساس الذي يبنى عليه أي نظام صحي
يعتبر موضوع الأخطاء الطبية وما يتعلق به من سلامة المرضى وسلامة الممارسة الصحية أحد المواضيع الرئيسة التي لاحظنا تكرار الحديث عنها بجميع حوارات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني المتعلقة بالخدمات الصحية، حيث كانت مداخلات ممثلي المجتمع تكرر الشكوى والتذمر من الأخطاء الطبية المطالبة بإيجاد حلول مناسبة للتغلب على هذه الظاهرة قبل حدوثها وسن قوانين رادعة لمعاقبة المتسبب فيها، كما جاءت ردود مسؤولي القطاعات الصحية معترفة بوجود الظاهرة واعدة، كما هو المعتاد، بتقليصها والتعامل مع مسببيها بحزم وقوة. الخطأ الطبي قد يحدث في الممارسة الصحية في مجال الإجراء التشخيصي والعلاجي، الدواء، السجلات والتوثيق الطبي، حوادث المرضى، الوصول للخدمات الصحية والتنويم والتحويل والخروج للمريض، حوادث العدوى، الحوادث الناتجة عن الأجهزة والأدوات الطبية، وغير ذلك من الحوادث، التي لها علاقة بسلامة المرضى. لذلك تبدأ نقطة المعالجة لهذه الظاهرة من تعليم الأطباء والممارسين الصحيين منذ بداية تعليمهم وتدريبهم على الوعي بمفهوم سلامة المرضى والتدرب على التعامل مع كافة الجوانب ذات العلاقة بسلامة المرضى...
في حوارنا هذا الأسبوع شاركنا الدكتور محمد بن سعد المعمري، العميد المشارك بكلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، ومستشار الاتحاد العالمي لسلامة المرضى الذي أشار إلى أن الارتقاء بنوعية الخدمات الصحية الموجهة للمرضى لم يعد في أعلى سلم اهتمامات القيادات الصحية فقط، بل أصبح الاهتمام بسلامة المريض هو الاساس الذي يبنى عليه أي نظام صحي، ومن أهم مخرجاته التي وضع لها معايير عديدة لتحدد مدى ملائمته وموائمته ومدى الرضى عنه، وقال ان النموذج الكندي لمعايير أداء الطبيب التي لا تقاس بمعرفته فقط بل تشمل ستة محاور رئيسة وهي أن يكون الطبيب مهنياً في التعامل، وباحثاً عارفاً بمهنته، وداعماً للصحة، ويجيد التواصل، ومتعاون، وقيادي. فهذه المحاور أصبحت أسس تهيئة واعداد الطبيب بدلاً من التركيز على حشوه بالمعلومات فقط ليتخرج في كليته مليئاً بالمحتوى العلمي لكن خاوياً من النواحي الانسانية والمهنية. هذا النموذج أثبت نجاحه ويتم اقتباسه في برامج مماثلة له في أمريكا وبريطانيا وإستراليا. وهناك توجه كبير على مستوى المملكة لتبني النموذج الكندي في برامج التدريب السعودية للاطباء لكي يكون التدريب مبنياً على أسس مهنية وعلمية ويهدف إلى تقديم رعاية صحية وآمنة.
واضاف إن نجاح هذه التجربة على مستوى برامج تدريب الاطباء أدى إلى المبادرة بتكوين برامج جديدة تهدف إلى تعزيز مبادئ سلامة المريض مبكراً خلال مراحل الدراسة الجامعية ليكون طبيب المستقبل على دراية واطلاع بما هو متوقع لتقديم رعاية صحية آمنة ويكون المريض محور وأساس اهتمامه، مع التركيز على أهمية التفاعل مع عائلة المريض كشريك فاعل في الخدمات الصحية المقدمة للمريض، وساعد على هذا التوجه طرق التعليم الحديثة التي تبتعد عن التلقين لتشهد تحولاً جذرياً بأن يكون الطالب عنصراً نشطاً وفعالاً في تلك العملية عبر خلق تفاعل بناء بينه وبين المريض باكراً في حياته العملية.
وعن مشاركة د. المعمري كمستشار مع فريق عمل الاتحاد العالمي لسلامة المرضى التابع لمنظمة الصحة العالمية الذي قام باعداد منهج سلامة المرضى لكليات الطب، أشار في حديثه بأن الاهتمام بسلامة المرضى في المناهج الطبية بدأ بمحاولات فردية وجهود متفرقة في شمال أمريكا وأستراليا مما دعا منظمة الصحة العالمية إلى تبني هذا البرنامج الطموح، وكان النموذج الاسترالي من جامعة سيدني أفضل النماذج المتاحة ليكون اساساً يتم الانطلاق منه لتطوير الفكرة ومراجعتها وعمل الاضافات اللازمة لها. وكان فريق العمل مكوناً من عدد من الجامعات من مختلف مناطق العالم ومنها جامعات عريقة مثل جامعة تورنتو في كندا، وجامعتي سيدني وموناش بأستراليا، وجامعة أبريدن ببريطانيا، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية ممثلة للمنطقة العربية بأكملها، وكنت ممثلها بتكليف من مدير الجامعة. وتم الاتفاق بين فريق العمل ان يتم صياغة منهج سلامة المريض لكليات الطب بأسلوب سلس مع قابليته للتطبيق في مختلف البيئات، وعدم المساس بأي قيم اجتماعية أو دينية، واتيحت في هذا البرنامج وسائل عديدة لدمجه مع المناهج سواء كانت تقليدية أو حديثة. وكان هذا المنهج المتطور والإبداعي موجهاً لكافة كليات الطب في جميع أنحاء العالم لكي يتم تعزيز الأجواء والأوضاع المرتبطة بسلامة المريض على المستوى العالمي بهدف إعداد جيل من أطباء المستقبل ذوي أداء مهني مميز أثناء الممارسة العملية. وبادرت ثلاث جامعات بأن تكون أول من يطبق هذا البرنامج.
وعن محتوى البرنامج، أستعرض د. المعمري المواضيع الأحد عشرة التي أختيرت بعناية مع وضع أهدافها ومخرجاتها التعليمية، وطرق تدريسها، وتقديمها وهي مدخل عن سلامة المريض: يكرس هذا الموضوع أهمية الحاجة إلى مهنيين في المجال الصحي قادرين على تجسيد وتأكيد مبادئ ومفاهيم سلامة المرضى خلال الممارسة اليومية، لأنه من المهم ضمان وجود رعاية صحية آمنة عبر تصميم وإعداد أنظمة تسهل تقديم معلومات متكاملة ودقيقة يستوعبها جميع المهنيين العاملين في المجال الصحي.
والعوامل البشرية وأهميتها لسلامة المريض: وهذا يساعد الطلاب على فهم كيفية أساليب تعامل الناس مع بعضهم في ظل ظروف مختلفة ومتباينة، ومن ثم يمكن بناء الأنظمة وترقية مستوى الإنتاج ما يؤدي إلى تعزيز الأداء وتجنب الأخطاء الطبية.
أيضاً فهم النظم وأثرها على رعاية المريض: ويتعلم منه الطلاب أن الرعاية الصحية لا تقتصر على جهاز واحد، بل تتعداه إلى مجموعة من الأجهزة والنظم الخاصة بالمؤسسات والإدارات والوحدات، وهي تتعلق كذلك بالممارسة والخدمات المقدمة، فضلاً عن العلاقات بين مختلف الجهات التي تقدم الرعاية الصحية وما سواها.
وفاعلية فريق العمل ويركز على فهم طلاب الطب للعمل الجماعي، وما ينتج عن ذلك من فوائد وإيجابيات لأداء الفرق متعددة التخصصات، ولكيفية تأثيرها على تحسين وتطوير برامج رعاية المرضى والحد من الأخطاء.
والاستفادة والتعلم من الأخطاء: وهو يلزم طلاب الطب الاطلاع على أسباب وكيفية تدني عمل الأجهزة وأيضاً معرفة أسباب الأخطاء، وبالتالي يمكنهم الاجتهاد في تجنبها والتعلم منها، ويتعلم الطلاب أيضاً أن وسيلة التعرف على الأخطاء، والسعي إلى فهم أسبابها أفضل من أساليب إلقاء اللوم على الآخرين بسبب أخطائهم الشخصية.
إضافة إلى إدارة المخاطر السريرية: حيث يتعرف عليها طالب الطب والحفاظ على نظم الرعاية الآمنة وإدارة الجوانب السلبية والتغلب عليها، وتركز هذه الإدارة علي تطوير الجودة والخدمات المتعلقة بالرعاية الصحية الآمنة من خلال الوقوف على الملابسات والظروف التي تجعل المرضى يتعرضون للمخاطر والأضرار، ومن ثم بذل محاولات جادة للسيطرة عليها.
ومقدمة حول وسائل تطوير الجودة: حيث يتعلم طالب الطب برامج الرعاية الصحية التي تحتوي على مجموعة من وسائل تطوير الجودة، وكيفية امتلاك الأطباء للأدوات اللازمة لتحديد المشكلة وقياسها، واقتراح السبل إلى معالجة المشكلة.
والتعامل مع المرضى ومقدمي الخدمة ويتم تعريف الطالب على مفهوم الرعاية الصحية الذي يؤكد على إدماج المريض والمختص بالعناية ضمن فريق الرعاية الصحية، وكذلك على أن المرضى والمختصين بالعناية يؤدون دوراً رئيسياً يكفل تقديم رعاية صحية آمنة، وذلك من خلال المساعدة في التشخيص، واتخاذ القرار فيما يتعلق بالعلاج الملائم.
ومنع العدوى بتطوير وسائل مكافحتها فأضيفت مشكلة السيطرة على العدوى في برامج الرعاية الصحية باعتبارها تشكل نسبة عالية من أسباب الوفيات والإعاقات في العالم، وهناك العديد من الخطوات والإجراءات التي تساعد الأطباء والممرضين على التقليل من احتمالات انتقال وتفشي العدوى.
أيضاً سلامة المرضى عند إجراء العمليات الجراحية فيتعلم طالب الطب السبل التي تؤدي إلى تجنب الأخطاء المتعلقة بالعمليات الجراحية مع تعزيز معرفة أهمية التواصل الفعال مع المرضى، واكتمال الإجراءات التي تسبق العمليات. وتحسين سلامة الدواء بهدف تعريف الطالب بإجراءات تحسين سلامة الدواء نظراً لتعرض بعض المرضى للأخطاء التي تحدث بسبب طرق كتابة الوصفات الدوائية، وبإدارة الأدوية وصرفها.
وأشار د. المعمري بأن هناك توجهات من قبل الاتحاد العالمي لسلامة المرضى لتطويع هذا المنهج ليناسب التخصصات الصحية الأخرى مثل التمريض والصيدلة والأسنان والعلوم الطبية التطبيقة مدعوما برغبة أكيدة من المختصين في هذا المجال بأن يتم دمج كل ما يخص سلامة المريض في هذه المناهج، وأن يتم اتخاذ خطوات عملية من قبل كليات الطب بتسريع تطبيق الكثير من المواضيع السابقة عن سلامة المريض في مناهجها لكي يترجم الاهتمام الكبير الذي لقيه المؤتمر على أرض الواقع، وهذا المأمول والمتوقع خلال الفترة القادمة إن شاء الله.
وحول كيفية استفادة الكليات الطبية السعودية من هذا المفهوم في التعليم الطبي، أشار إلى أن جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية قامت بتنظيم مؤتمر برعاية وزير التعليم العالي، الأسبوع الماضي حضره عدد من عمداء كليات الطب السعودية وطرح من خلاله نموذج سلامة المريض في المناهج الطبية كما تبنته منظمة الصحة العالمية، كما عرضت بعض التجارب العالمية والمحلية في هذا الشأن، وهذا سيكون محفزاً لأن تسعى الكليات المحلية إلى إدراج مفاهيم سلامة المرضى ضمن مناهجها الطبية، بغرض الحصول على جيل جديد من الأطباء مدرك وواع ومتدرب على كيفية التعامل مع مفاهيم سلامة المرضى.
أخيراً يرى الدكتور المعمري بأن الخطأ الطبي موضوع شائك ولتقليص الأخطاء الطبية هناك حاجة إلى تعريفها أولاً وتحليلها واتخاذ الحلول الآنية والمستقبلية لتقليصها، وما إدخال مفاهيم سلامة المرضى ضمن المناهج وطرق التدريب سوى بعض الحلول طويلة المدى التي ستقود بحول الله إلى تلقيص حجم وآثار هذه الظاهرة المزعجة للمجتمع بصفة عامة وللمجتمع الصحي بصفة خاصة.

موضوع صحي: الاستثمار في الكوادر الصحية.. ضرورة وطنية مُلحَّة

الاستثمار في الكوادر الصحية.. ضرورة وطنية مُلحَّة

د. محمد بن سعد المعمري

إن الاستثمار لا يكون مجديًا إذا اقتصر على بنيته الهيكلية الظاهرة للعيان والمتمثلة في المباني والمنشآت والمصانع والمستشفيات، ولذلك فإن نجاحه يستلزم - بداية - توسيع آفاقه لتشمل القوى البشرية حتى يتكامل ظاهره مع محتواه. والاهتمام بالمحتوى يعني إعداد كوادر ذات كفاءات ومهارات عالية ومتقدمة وتهيئتها في كثير من المجالات الحيوية لكونها الطاقة المحركة والعمود الأساسي لعجلة الإنتاج والتنمية.
ولا شك أننا جميعًا نرصد ونتابع ارتفاع معدلات النمو السكاني في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية، الذي صحبه تطور ملحوظ في مستويات التعليم والتأهيل والتدريب، وهذا أدى بدوره إلى ارتفاع قدرة سوق العمل السعودي على استيعاب الأعداد المتزايدة من الكفاءات العلمية والمهارات المهنية والحرفية التي تدخل ساحته سنويًّا، لا سيما وأن الاقتصاد السعودي يتنامى بإيقاع متسارع يتجاوز المعايير المتعارف عليها عالميًّا في حركة النمو والتطور، ونتجت عن ذلك طفرة اقتصادية شاملة في كل المجالات اتَّسعت مظلَّتها لتعمَّ أرجاء الوطن كله، وفي إطار هذا النمو المطَّرد كان للقطاع الصحي نصيب وافر من الاهتمام في ذهنية المُخطِّط السعودي، وحظي بميزانيات مقدَّرة في خطط الدولة الخمسية.
وعكس هذا اهتمام ولاة الأمر وحرصهم الكامل على المواطن بوصفه رأسمال التنمية ومحور حركة النماء والتطور. وتجلَّى هذا الحرص وهذا الاهتمام بصورة واضحة في عدد من الصروح الصحية المتكاملة مظهرًا وجوهرًا بالقطاعين الحكومي والخاص؛ فضلاً عن التوسُّع والتطوير المستمر والمتتابع في بنية القائم منها الآن وخدماته. وتُمثل الخدمات الصحية المتاحة والمتوفرة حاليًّا ضلعًا أساسيًّا في منظومة الخدمات التي يتمتَّع بها المواطن السعودي في مختلف جوانب حياته، ويواكب هذا التوسُّع الطلب المتنامي على هذا النوع من الخدمات، ويرمي إلى تخفيف الضغط والأعباء المتزايدة بدورها على القطاع الصحي.

ومما لا شك فيه أن الطلب على الخدمات الصحية يعدُّ انعكاسًا طبيعيًّا لتطور أنماط الحياة المدنية، ولاكتساب المواطنين سلوكيات وعادات اجتماعية جديدة اقترنت بتفشي أمراض عصرية لم تكن معهودة في السابق بهذا القدر من الانتشار، ونتيجة لذلك لا يفتأ العبء على القطاع الصحي يتزايد مع حاجته المستمرة إلى كوادر متخصصة عالية التأهيل.. ولا غرابة في ذلك لأن دول الخليج - وبعض الدول المجاورة - نما لديها احتياج شديد وملح للخدمات الصحية بنسب متفاوتة وذلك لارتفاع دخولها الناتج عن النمو الهائل في عائدات النفط والثروات الأخرى.

ومن ثم فقد أصبح توفير أعداد كافية من الأطباء والصيادلة والممرضين والفنيين في كافة التخصصات يشكل هاجسًا يُقلق القيادات الصحية في مختلف القطاعات، وذلك فضلاً عن الجهد الذي يُبذل لاستقطاب واستقدام كفاءات بمؤهلات عالية بسبب التنافس الكبير بين عدد من الدول، وميل هذه الكفاءات نفسها وتطلعها إلى فرص عمل تتيح لها إمكانية تأمين مستقبل شخصي مناسب لها، وهذا التطلع يضع القيادات الصحية تحت ضغوط إمكانية استمرارها في مواقعها استهدافًا لتقديم خدمات أفضل وأمثل للمواطنين.
ومن هنا تبرز الرؤية الاستراتيجية الحصيفة لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - المبنية على قراءة الحاضر واستشراف المستقبل، والرامية إلى ضخ استثمارات هائلة في هذا المجال، ففي أواخر شهر رمضان المبارك المنصرم، صدرت موافقته - حفظة الله - على قرارات مجلس التعليم العالي الخاصة بإنشاء 17كلية تركَّز جُلُّها في القطاع الصحي، فمنها كليات للطب والصيدلة والعلوم الطبية التطبيقية والتمريض والعلاج الطبيعي. وتضاف هذه القرارات إلى مجموعة أوامر وقرارات أخرى بإنشاء عدد من الجامعات ليتجاوز عدد جامعاتنا الوطنية 20جامعة خلال فترة وجيزة لتُلبِّي عبر تخصصاتها المختلفة متطلبات الخطط الخمسية الطموحة التي تستهدف توسيع قاعدة التنمية لتشمل المجالات الحيوية كافة في بلادنا.
ويقينًا فإن نتائج مثل هذه القرارات الاستراتيجية والخطط الطموحة لا تظهر على المدى القريب؛ بل هي في حقيقتها استثمار طويل الأمد يرمي إلى تخريج أجيال قادرة على الإسهام الفاعل في إعداد وتهيئة كفاءات ومهارات وطنية تشارك بدورها في تغطية احتياجات الخدمات الصحية حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحيوي.
إن مسؤولية تنفيذ مثل هذه القرارات وتحويلها إلى واقع ماثل تقع على عاتق مسؤولي التعليم العالي في مستوياته كافة، ذلك أن إنشاء كلية صحية على سبيل المثال يتطلب البحث عن قدرات أكاديمية متميزة تحمل تأهيلاً عاليًا في التخصصات الصحية المختلفة، إضافة إلى تمكُّنها من مجال التعليم الطبي والصحي، وهو بالطبع يختلف عن إنشاء مدرسة في التعليم العام الذي يُطبِّق معايير موحَّدة في اختيار العاملين، بجانب توفر مناهج يتم تصميمها وإعدادها مركزيًّا لخدمة هذا القطاع ككل. ومن المعلوم أن أي تخصص صحيح يتفرع إلى فروع عديدة ودقيقة تجعل من عملية تحديد التخصصات المختلفة ونوعية العاملين فيها؛ عملية معقدة ترهق القائمين على أمر تلك الجامعات أو الكليات، وهذا علاوة على أن التخصص العلمي لوحده لا يكفي؛ إذ لا بد من خبرة وتخصص في مجال التعليم الصحي تؤهل إلى القيام باختيار مناهج حديثة تعتمد على التعليم التكاملي الذاتي بمنأى عن الطرق التقليدية المشتهرة بالتركيز على التلقين مع إغفالها الواضح للطالب كأحد أضلاع العملية التعليمية؛ بل وعنصر نشط فيها.
كما يتابع المختصون في التعليم الطبي تطبيق تلك المناهج وطرق التقويم ومراقبة نوعية التعليم ومخرجاته. ولقد استشعر القائمون على جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية أهمية هذا الجانب، وبدأت من حيث انتهى الآخرون، إذ عوَّلت على اختيار مناهج إبداعية عديدة مستوحاة من جامعات عالمية مرموقة، واستطاعت تتويج تلك الجهود بخطوات جبارة تعدُّ الأولى على مستوى الوطن تمثلت في استحداث برنامج للدراسات العليا يختص بتخريج خبرات وطنية في مجال التعليم الطبي والصحي لتشكِّل نواة حقيقية لمختصين تناط بهم مسؤولية الإشراف على البرامج الأكاديمية المتعدِّدة، علاوة على ما يمكن أن يحدثوه من أثر كبير في وضع البرامج الأكاديمية الإبداعية الحديثة التي تعتمد على التعليم التكاملي الذاتي.

ونخلص من ذلك إلى أن المختصين في المجال الطبي أضحوا يمثلون ضرورة لا غنى عنها في سبيل الوصول إلى مخرجات تعليمية متميزة.
ولعل مما يعكس الحرص على السمو بالتعليم الصحي على اختلاف تخصصاته؛ ذلك الجهد المتقدم والمشكور الذي تتولاه الهيئة الوطنية للقياس والاعتماد الأكاديمي، التي استطاعت وضع معايير قياسية شاملة للبرامج الأكاديمية المختلفة تُؤهِّل أي منشأة أكاديمية صحِّية - قائمة أو جديدة - لتقويم نفسها ذاتيًّا كخطوة أولى لجميع كلياتها ومناهجها وخططها وخدماتها المساندة. وتبع ذلك حرصها على زيارة تلك المنشآت من أجل التأكيد على جودة برامجها التعليمية تمهيدًا لاعتمادها.
وفحوى القول إن العوامل الإيجابية التي تحيط بالتعليم الصحي ستؤدي - بحول الله - إلى تعليم صحي أكاديمي متميز بمخرجاته التعليمية ذات المستوى العالي التي ستكون داعمًا أساسيًّا للخدمات الصحيَّة المقدمة للطبقات والمستويات كافة.

@ جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية

موضوع طبي: البخاخ ذو القرص


موضوع طبي: استخدام البخاخ احادي الجرعة


موضوع طبي: استخدام توصيلة البخاخ


موضوع طبي: استخدام البخاخ التربيني




موضوع طبي: حماية أطفالنا وشبابنا من التدخين

حماية أطفالنا وشبابنا من التدخين
د. محمد بن سعد المعمري
استشاري الأمراض الصدرية
مدينة الملك عبد العزيز الطبية
جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية

بينت دراسة في إحدى مناطق المملكة عبر استبيان وزع على طلاب المدارس أن أكثر من ثلث العينة مدخنين حاليين أو سبق لهم التدخين، والمقلق أن أغلبهم بداء التدخين بين سن 13 – 15 سنة. ويدعم تلك الدراسة أوراق علمية عديدة تعطى ارقام مقلقة عن نسب التدخين لدى أبنائنا وبناتنا والخطر الذ يواجههم من الادمان على مشتقات التبغ. الوجة الأخر لتلك الارقام يكشف لنا استراتيجية شركات التبغ للوصول إلى أكبر شريحة من الشباب والشابات في تلك العمر أو ما يسمى مرحلة المرهقة. لإنه إذا تجاوز الأنسان مرحلة العشرينات من عمره، فإحتمالية ادمانه على التدخين تتضأل بشكل كبير. فمع تراجع مبيعات شركات التبغ في بلدانها الأصلية، وجهت حملاتها الشرسة إلى العديد من الدول، والمملكة ليست بعيدة عن تلك الحملة.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، نجد ان هناك حملة قوية ليكون المجتمع خاليا من التدخين بأنوعه، ولم تأتي هذه الحملة من فراغ، بل تم تفعيلها بعد أن أتضح بشكل جلى ما يسببه التدخين من أمراض للقلب والشرايين، والرئتين، والجهاز الهضمي، والعديد من الاورام. وأتخد تأثير التدخين بعدا أقتصاديا بسبب التكلفة المرتفعة للامراض الناتجة عنه على النظام الصحي. ودعم تلك الحملات ما قامت به بعض الشركات في الخمسينات والستينات من القرن الماضي من إخفاء نتائج بعض الدراسات التى أظهرت مبكرا أضراره. لذا نجد ان تلك الدول أقامت العديد من القضايا بالمليارات من الدولارات ضد شركات التبغ. وسعت كذلك إلى مبادرات وتنظيمات لمحاربة التبغ بشتى أنواعه. هذا أدى بطبيعة الحال إلى أن توجه تلك الشركات حملاتها إلى دول العالم الثالث لزيادة مبعاتها وأرباحها التى تأثرت من الحملة المضادة عليها. وبناء على دراسات سيكولوجية، لوحظ أن سنين المراهقة تعد الفترة الذهبية لهم لكسب المزيد من الزبائن، فنجدها ركزت على حملات دعائية متلفزة ودعمت العديد من الفعاليات التى تستهوى هؤلاء الشباب والشابات.

إن حماية أطفالنا وشبابنا لا بد أن تكون على مستوى الوطن وعلى مستوى الفرد. فعلى المستوى الوطني، نجد أن هناك تشريعات أقرت لتساهم في مكافحة التدخين حماية لأبنائنا وبناتنا بمنع التدخين في الاماكن المغلقة، ورفع الرسوم الجمركية على التبغ ومنع التدخين في المطارات والطائرات وإبعاد محلات المعسل من وسط المدن وغيرها. إن تفعيل مثل تلك التنظيمات بشكل كبير والتوسع فيها سيكون له تأثير إيجابي لمحاربة التدخين. وكذلك عند الرجوع إلى جذور المشكلة، فلا بد من التركيز على حملات التوعية في المدارس والجامعات لتحذير النشئ الجديد من مشاكل التدخين العديدة والعمل على تعامل المرشدين مع أي حالات فردية بالنصح والتوجية والارشاد عبر التعاون والتكامل بين البيت والمدرسة.
أما على مستوى الفرد، فلا بد من التعامل مع أحد أهم المسببات وهو تدخين أحد الوالدين أمام أبنائه وأهله في المنزل أو السيارة، والذي يعتبر - وبدون مبالغة - جريمة من الأب في حق أعز الناس لديه ، فإضافة إلى احتمال تعودهم وتقليدهم لوالدهم في التدخين، يسبب التدخين مشاكل عديدة للأطفال، خصوصاً ممن لديهم حساسية في الأنف والجيوب الأنفية، أو تتطلب حالتهم استئصال اللوز. فأعراض الجهاز التنفسي مثل السعال وصفير الصدر تكثر لدى الأطفال الذين يعيشون بين أبوين مدخنين، عند مقارنتهم مع أمثالهم من أطفال يعيشون عند أبوين غير مدخنين، كذلك احتمالية أن يتطور التهاب اللوزتين بما يتطلب استئصالهما، أكثر بكثير لدى الأطفال الذين يعيشون لدى أبوين مدخنين. ففي دراسة أُجريت على عينة من (892) طفلاً، وبيَّنت أن نسبة أعراض الجهاز التنفسي كانت (15%) لدى الأطفال الذين لم تستأصل اللوزتين لديهم، ويعيشون لدى أبوين مدخنين، هذه النسبة ترتفع إلى (37 %) عند الأطفال الذين تم استئصال اللوزتين لديهم. مثل هذه الدراسة الهامة تبينِّ بشكل كافٍ ووافٍ مدى معاناة الأطفال الذين يعيشون لدى والدين مدخنين.


إن التدخين له مضار كثيرة على المدخن، إلاّ أنه ينبغي أن يتنبه غير المدخنين للأضرار التي تصيبهم عند مجالستهم للمدخنين، وكذلك نجد أن هذه فرصة لتوجيه نداء للمدخنين أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي مجتمعهم، وفي أعز الناس لديهم، وهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم، لحمايتهم من أضرار التدخين، قال الله تعالى:"وَلاَ ُتلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَهْلكُةِ"


تقرير: تعزيز مهارات أعضاء التدريس في العملية الاكاديمية

تعزيز مهارات أعضاء التدريس في العملية الاكاديمية

د. محمد بن سعد المعمري


تكمن أهم عناصر العملية التعليمية في الطالب والمعلم والمنهج، ومع تطور مفاهيم التعليم في العقود الماضية؛ اتخذ المعلم أهمية كبيرة بُغية الوصول إلى مخرجات تعليمية متميزة، وفضلا عن ذلك فقد حدثت تغييرات كبيرة في العملية التعليمية بعد تحولها من الاعتماد على المعلم إلى الاعتماد على الطالب، لذا لم تعد معلومات المعلم وخبرته كافيتين للوصول إلى مرحلة التميز؛ بل أصبح من اللازم والملح تعزيز مهاراته وتطوير قدراته ليكون عنصرًا موجِّهًا لطالبه لا ملقنًا له. وتنبَّهت كلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية في وقت مبكر إلى هذا المفهوم المعاصر، فعملت على تطبيق مناهج حديثة ومتطورة تعتمد على استثارة فكر الطالب وتحريك طاقاته الذهنية كي يستوعبها ويتفاعل معها بسهولة وسلاسة من خلال الوسائل والأوعية التقنية المتاحة له بما يدعم ويؤكد إمكانية الوصول إلى تطبيقات متطورة في التعليم.
واستشعرت الجامعة مبكرًا أهمية مواكبة طرق التعليم وترقية قدرات أعضاء هيئة التدريس لتلك المناهج؛ فركزت على تحديث أساليب نقل وتوصيل المعلومة للطلاب، وعلى تعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس وتنمية خبراتهم. وبتطبيق مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالحرس الوطني تميزها بتطبيق أعلى المعايير المهنية، استطاعت استقطاب أفضل الخبرات الطبية مما أهَّلها إلى الريادة فيما يتعلق بالرعاية الصحية المتقدمة، وإلى أن تنال قصب السبق والتفوق والشهرة في العديد من المجالات مثل زراعة الأعضاء والكلى والكبد وفصل التوائم السيامية وعمليات القلب المفتوح والعناية الحرجة وطب الاسعاف وغيرها، وأصبحت بذلك مرجعية عالمية ضمن قائمة المراكز الدولية المتخصصة والمرموقة. كما أن المشاريع الجبارة التى تبنى الان ستزيد الطاقة الاستيعابية للمدينة من قرابة 850 سريرا إلى قرابة 1400 سرير عبر العديد من المراكز التخصيصية مثل مستشفى الملك عبدالله التخصصي للاطفال ومستشفى الرعاية الصحية والعديد من التوسعات في الاسعاف والعناية الحرجة. كما حققت كذلك تقدمًا ملموسًا ومميزًا في برامج التدريب للدراسات العليا منذ إنشائها في منتصف الثمانينيات الميلادية بحيث شملت في وقتنا الحالى كافة التخصصات الرئيسة والعديد من الخصصات الفرعية الدقيقة، ويقدر بإن قرابة ربع المتدربين على مستوى الوطن يقضوت تدريبهم في مدن الملك عبدالعزيز الطبي.
وعزز هذا التميز سعي كلية الطب إلى تعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس في مختلف جوانب التعليم وطرقه الحديثة، وانطلقت رؤيتها إلى ذلك من مفهوم مؤسسي بحيث تُحدَّد أهداف هذا البرنامج بوضوح ليخدم التوجهات والتطلعات، ولقى دعم كبيرا وذللة الصعوبات أمامه لكي يخدم المسسة. وصمِّم البرنامج بحيث يقدِّم دورات أساسية في التعليم عامة والتعليم المبني على حل المشكلات من خلال ابتعاث أعضاء هيئة التدريس لحضور دورات متقدمة في الجامعات التي تهتم بهذا المجال مثل جامعة ماسترخت بهولندا، ومن ثم تكوين نواة تقود هذه العملية، وتم استقطاب خبرات كبيرة في مجال التعليم الطبي لتدعم عملية التطوير، وتبع ذلك تنظيم دورة حول الاتجاهات الإبداعية في التعليم الطبي حضرها حتى الآن 180 من أعضاء هيئة التدريس بالرياض فرعي الجامعة بجدة والأحساء، إضافة إلى بعض زملائهم بالجامعات السعودية، ودعى الى اليها خبرات عالمية رائدة في هذا المجال، مع تفريغ كامل لأعضاء هيئة التدريس من مهامهم خلال تلك الفترة رغبة في زيادة تحصيلهم. كما عقدت دورات عديدة متخصصة استهدفت تسهيل عملية إدارة المناهج الأكاديمية بحيث يتم توحيد الطرق التى يتم فيها رعاية الدورات والمنهج حسب أفضل المعايير المتاحة وعبر دعوت الخبرات التى ساهمت في وضع أسس هذا المجال، ودورات أخرى أساسية عقدها أعضاء هيئة التدريس ثم دورات متقدمة دُعيت إلى المشاركة فيها خبرات عالمية مثل الأستاذ الدكتور كلارك هزلت والأستاذ الدكتور كيس فان ديرفلينتن وبذل يتم الابتعاد عن المفهوم التقليدى بأن المعلم هو المسؤول الكامل عن الامتحانات الى مفهوم جديد يتم فيه اعداد الامتحانات عبر لجان تسعى الى ربط الاسئلة بالاهداف التعليمية والى أن يكون التقويم والامتحان أحد المحفزات الى التعلم مع التركيز على أهمية التغذية الراجعة، وكذلك عقدت دورات في إعداد الحالات التعليمية ودورة للمشرفين على المناهج شارك في تقديمها الأستاذ الدكتور أنيكا وفهيجن والأستاذ الدكتور ديان دولمنز، وذلك بسبب ان التعليم المبنى على حل المشكلات يعتمد على اعداد حالات ذات محتوى تعليمي محدد، ويناقشها الطلاب لتثير عملية التحفيز الذهنى، واعداد هذه الحالات أو المشاكل يتطلب مهارات خاصة في المناهج التعليمية والقدرة على الكتابة ومعرفة شروطها مع توافر الخبرة في مجال وتخصص الحالة. إضافة إلى دورات في محاور مهنية ودور الطبيب في المجتمع والتى ميزت منهج كلية الطب عن العديد من مناهج كليات المنطقة بحيث أن الطالب يعى أهمية دوره في خدمة المجتمع وكيف يتعامل بمهنية عالية وكيف يقدم دائما سلامة المريض. واستمر تنظيم هذه الدورات عبر برنامج شامل ومتميز عبر تركيز الكلية على مجموعات من أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات من أجل تطوير خبراتهم لكي يقوموا بتكوين الخبرات اللازمة لقيادة عملية التطوير الشاملة التى تقوم الكلية في العديد من المجالات المتخصصه، وحرصت في الوقت نفسه على عقد جلسات نقاش وعمل أسبوعية بحضور أعضاء هيئة التدريس بغرض تقوية أواصر التواصل، ولم تغفل في هذا المنحى عن المشاركة في المحافل العالمية عبر حضور الندوات والمؤتمرات وورش العمل الجماعية لتمثيل الوطن بخبرات وطنية رائدة في العديد من المؤتمرات في مختلف دول العالم، ومن أمثلة ذلك المؤتمر المشترك الذي استضافته جامعة سيدني بأستراليا على هامش فعاليات مؤتمر أوتوا للتعليم الطبي العالمي، وفيه تم استعراض تجربة كليات الطب الرائدة في تطبيق مناهج من بيئات مختلفة وكيفية تطويعها، وقد لقى هذا المؤتمر تقبلا وتقديرا للعلمية التطويرية الشاملة التى تقوم بها جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية.
ويعد برنامج ماجستير التعليم الطبي رائدًا ومميزًا فيما يتعلق بتأهيل حوالي 50 عضو هيئة تدريس للتخصص في هذا المجال، ولم تغفل الجامعة الجانب الوطني؛ إذ خصصت مقاعد لأعضاء هيئة التدريس في العديد من الجامعات استشعارًا منها لأهمية هذا التخصص. ومما يدعو للفخر أنه أول برنامج للتعليم الطبي على مستوى الوطن، ويشكل على العديد من الدورات في كافة مجالات التعليم الطبي مع قيام كافة الملتحقين بهذا البرنامج بعمل بحث يساهم في عملية تطوير الجامعة، مثل إحدى رسائل المجاستير عن التقوييم الطلابي والاشراف في المراحل السريرة تحت أشراف أحد أفضل الخبرات العالمية والذي أسهم في أدخال طرق تقويم حديثة لقيت استحسانا كبيرا من الطلاب وأعطت دعما كبيرا عند القيام بعملية الاعتماد الاكاديمي. كما هيئة الكلية الفرصة لبعض اعضاء هيئة التدريس لتقديم مشاريع رسائل دكتوراة في العديد من مجالات التعليم الطبي والتى من المتوقع أن تثرى الحراك العلمي في هذا المجال وتسقطب له العديد من المختصين الذين سيدفعون عجلة التطوير.
ولا شك أن تعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس جانب مهم وملح باعتباره داعمًا للعملية التعليمية بعد أن انتقلت مهمات أعضاء هيئة التدريس إلى التوجيه بدلاً من التلقين، ولعلنا نرى نتيجة هذا التوجه ظاهرة للعيان وتنعكس بجلاء في تحقيق خريجي الدفعة الأولى بالكلية إلى نتائج باهرة في امتحان القبول الشامل الذي عقدته الهيئة السعودية للتخصصات الطبية بإحرازهم للمركز الأول متفوقين على زملائهم في الكليات النظيرة، وتجسد كذلك في مشاركة الكلية الفاعلة في المؤتمر الطلابي الذي عقد في مدينة العين بدولة الأمارات العربية المتحدة والتي اعتبرت الأكبر والأوسع بين جامعات المنطقة برغم حداثة الكلية، ويعود ذلك إلى كفاءة وتميز أعضاء هيئة التدريس الذين تفتخر بهم الجامعة.
كما أن التقرير الأولي للمنظمة الدولية للتعليم الطبي التي تولت حديثًا تقييم كلية الطب يعدُّ علامة مميزة ومفخرة للكلية بعد أن حصلت على أعلى المعايير المهنية في المجال الأكاديمي، وركز فريق التقويم على تفوق الكلية في برنامج تعزيز قدرات ومهارات أعضاء هيئة التدريس في بيئة أكاديمية راقية متمثلة في مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالحرس الوطني، وهذا بلا شك يعكس حرص القيادة واهتمامها بالتعليم العام والعالي، وما يحظى به من دعم سخي ومستمر من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله.

موضوع طبي: البعد الاقتصادي لمرض الربو والاستراتجيات الوطنية

البعد الاقتصادي لمرض الربو والاستراتجيات الوطنية
تغيرات الأجواء تزيد المعانة من المرض
د. محمد بن سعد المعمري
جامعة الملك سعود للعلوم الصحية

إن استمرار موجة الغبار والعواصف الرملية يُبرز مرض الربو ومعاناة المرضى من أزماته، و كذلك حاجتهم إلى الرعاية الشاملة. فمفهوم الرعاية الشاملة للمرض يتجاوز الرعاية الطبية المباشرة إلى نظرة شمولية من كافة النواحي الصحية والنفسية والاقتصادية. فمع النمو السكاني وازدياد تكلفة الرعاية الصحية، يصبح من الضروري إيجاد أفضل السبل للوصول إلى أكبر شريحة من مستحقيها مع تقديم أفضل رعاية صحية. ويعد مرض الربو أحد أفضل الأمثلة لما يتطلبه من رعاية شاملة متعددة الطبقات ومن جهات عديدة.

فلقد بينت دراسة محلية أن نسبة انتشار مرض الربو عند الأطفال ارتفعت من 8% عام 1986م إلى 23% عام 1995م، وربط هذا الأرتفاع بالعوامل البيئية وكذلك إلى التطور الذي حصل في العملية التشخيصية، إن هذه الأرقام لابد أن تثير الإنتباة والاهتمام والقلق في نفس الوقت، ويرجع ذلك إلى أن انتشار مرض الربو غدا هماً عالميا؛ فعلى سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات الأمريكية أن نسبة تشخيص المرض عند كل 1000 شخص ارتفعت من 35% عام 1982م إلى 50% عام 1992. والقلق من هذه الأرقام والحقائق ليس بسبب ارتفاعها فقط بل من الزيادة المضطردة لهذه النسب من عقد إلى آخر، ولاستمرار العوامل المسببة لها أيضا. وتوجد العديد من الدراسات تدعم هذه الحقيقة من دول مختلفة مثل: بريطانيا وكندا واستراليا ونيوزلندا وألمانيا وغيرها.

فمرض الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة أنتشارا وينتج من إلتهاب القصبات الهوائية وما يسببه من أعراض مختلفة مثل ضيق في النفس وصفير في الصدر تتطور أحيانا إلى أزمات تستعدى زيارة الطبيب أو أقسام الطوارئ أو التنويم. وتتأثر نوعية الحياة لدى المصابين بمرض الربو بسبب عدم قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. إن عدم التحكم بالمرض عند قطاع كبير من المرضى يؤدى إلى ارتفاع تكلفته. ويسبب ذلك قلقا لدى المشرعيين الصحيين بسبب الخشية من أن يتجاوز العبء الاقتصادي للمرض الإمكانيات المتاحة، وما ينتج عنه من الضغط على النظام الصحي، وبالتالي تتأثر الرعاية الطبية المقدمة لهذه الشريحة من المرضى.

إن التكلفة الناتجة عن مرض الربو تنقسم إلى تكلفة مباشرة وتكلفة غير مباشرة؛ التكلفة المباشرة تتكون من زيارات الطبيب الغيرمبرمجة، وزيارات أقسام الطوارئ للتعامل مع الأزمات، والتنويم في أجنحة المستشفى وفي أقسام العناية المركزة للحالات الحرجة. ولو أخذنا مثالاً واحد وهو تكلفة سرير العناية المركزة التي تقدر بنحو (5000) ريال سعودي في اليوم الواحد، فبذل الجهود لتفادى يوم واحد على هذا السرير يوفر قيمة أدوية الربو لمدة لا تقل عن سنتين لمريض واحد. أما التكلفة الغير مباشرة فتنتج عن غياب الموظف عن عمله، والمدرس عن مدرسته، والعامل عن مصنعه، والطالب عن مدرسته. وإذ كان التحكم بالربو غير جيداً، فإن أداء الموظف أو المدرس أو العامل يتأثر سلباً وبالتالي إنتاجيته تتراجع عن أقرانه ونوعية حياته تكون أسوء. ومن المقلق أن دراسة قام بها كاتب المقال أظهرت أن نحو نصف المرضى السعوديين المصابين بالربو الذين راجعوا مركزا طبيا متقدما لم يكن المرض لديهم متحكماً به.

بينت أيضاَ العديد من الدراسات أن التكلفة المباشرة للمرض تقدر بنحو 80% من التكلفة الكلية، وغالبية هذه التكلفة تأتي من التنويم في المستشفى وزيارة أقسام الطوارئ؛ أما النسبة المتبقية البالغة نحو 20% فناتجة عن التكلفة الغير مباشرة للمرض وما تمثله من عبء اقتصادي غير ملحوظ وغير محسوب.وتستهلك شريحة المرضى شديدي الحدة الغير متحكم بمرضهم معظم الإمكانات المتاحة لمرضى الربو. بينت إحدى الدراسات الأمريكية أن التكلفة السنوية لمريض واحد من هذه الشريحة تتجاوز عشرين ضعفا لمريض واحد حدة المرض لديه خفيفة. أما التكلفة السنوية لأدوية الربو فقط للحالات الخفيفة داخل المملكة العربية السعودية فتقدر مابين 500 إلى 1500 ريال، والحالات المتوسطة فتقدر ما بين 2500 إلى 3500 ريال، والحالات شديدة الحدة فتتجاوز 5000 ريال، وهذه التكلفة لا تشمل زيارة الطبيب أو الإسعاف أو التنويم. علما بأن أغلب تكلفة الحالات شديدة الحدة ناتجة من التنويم في المستشفى أو زيارات الإسعاف المتكررة. كما أن دراسات أخرى بينت أن أغلب مرضى الربو استخدموا الأدوية المريحة فقط من أعراض المرض؛ بحيث أن البخاخ المريح المعروف بـ (الفنتولين) كان أكثر الأدوية استخداماً، ويعد ذلك أحد أسباب عدم التحكم بالمرض. أما الأدوية المتحّكمة بالمرض والتي ينصح الأطباء باستخدامها فلم تكن بالنسبة المتوقعة، ويؤدى عدم الانتظام على هذه النوعية من الأدوية إلى تبعات سلبية على صحة المريض وتعرضه لازمات الربو.

ولا يوجد لدينا إحصائيات حديثة محلية تبين مدى انتشار المرض، لكن نستنبط من المعطيات المتوافرة أن المصابين بمرض الربو في مدينة مثل الرياض يتجاوز نصف مليون من السكان، ولنا أن نتخيل مدى العبء الذي يمثله المرض خاصة في ظل تقلبات الأجواء والظروف الجوية غير المواتية، وكذلك التكلفة الاقتصادية التى قدرتها بعض الدراسات المحلية بقرابة ثلاثة مليارات ريال.


وماذا بعد استعراض هذه الحقائق ؟

تستدعى هذه الحقائق التعامل مع مرض الربو على أكثر من مستوى وأن تكون رسالة ورؤية الاستراتجيات الوطنية واضحة ومحددة، وتهدف إلى الوصول إلى تحكم أفضل بمرض الربو ونوعية حياة أفضل لمرضى الربو، وستكون نتيجة تلك الاستراتجيات حتما ايجابية بمفهوم الرعاية الشاملة المتعددة الأبعاد من صحية ونفسية واقتصادية. فكون أغلب التكلفة من شريحة الحالات المتوسطة أو شديدة الحدة والتي يتم علاجها غالباً في المستشفيات، فلابد من السعي الحثيث لنشر عيادات متخصصة في علاج الربو تهتم بتوعية المريض عن مرضه وتثقيفه عن طبيعته ، فالانتظام على الأدوية المتحكمة بالربو والتعامل المبكر مع أزمات الربو يمنع تطورها وبالتالي يتجنب المريض الذهاب إلى الإسعاف والمستشفى وما يتبعه من ارتفاع في تلك التكلفة. فكما ذكر سابقاً أن تكلفة يوم واحد في العناية المركزة تؤمن أدوية الربو لمدة سنتين. إن هذه العيادات المتخصصة توجد في بعض المستشفيات ولكن نظراً لانتشار المرض ولما يمثله من عبء على المريض وعلى النظام الصحي، فإن نشرها سيكون له مردود كبير. أما الجانب الآخر فهو توفير الأدوية المتحكمة بالربو والحرص على توافرها بأسعار معقولة وفي متناول المريض لكي تهيئ له الظروف المواتية للانتظام على علاجه للوصول إلى تحكم أفضل بالمرض. كذلك لابد من تكثيف حملات التوعية طوال العام للوصول إلى أكبر شريحة من الأشخاص الذين يعانون منه.

إن الوصول إلى تحكم أفضل بمرض الربو سينعكس إيجاباً على نوعية حياة المصابين به، ويقلل من معاناتهم الناتجة عن أزماته. وهذا بالتالي يقلل من عبئه الاقتصادي على النظام الصحي، وبالتالي الاستخدام الأفضل والارشد للإمكانات المتاحة، وهذه نتيجة هامة لما نلاحظ من ضغط ملحوظ على المستشفيات والمراكز الصحية.

http://almoamary.blogspot.com/

موضوع طبي: التوصيات العالمية الجديدة تعطى مزيدا من الأمل لمرضى الربو

التوصيات العالمية الجديدة تعطى مزيدا من الأمل لمرضى الربو
المريض شريكا رئيسا في خطة العلاج

د. محمد بن سعد المعمري
العميد المشارك بكلية الطب واستشاري الأمراض الصدرية
جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية
مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض

يحظى مرض الربو باهتمام عالمي متزايد، فيقدر أن هناك ما لايقل عن ثلاثمائة مليون إنسان مصاب بالربو في العالم. وتختلف الاحصائيات بمختلف مناطق العالم، لكن نسبة الإصابة بالمرض في بعض المناطق تصل إلى 18بالمائة. وتبين إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن تكلفة مرض الربو لا تقل عن واحد بالمائة على النظام الصحي العالمي. ومع أن علاج الربو متوافر ويمكن التحكم به، إلا أن هناك عدد كبير من الوفيات الناتجة عنه. لذا تفرض جميع هذه الحقائق واقعا لا بد من التعامل معه من أجل الوصول إلى رعاية أفضل بمرض الربو.

فتأثير الربو اقتصاديا يتناسب عكسيا مع مستوى التحكم بالمرض، فكلما كان التحكم بالربو افضل، أصبحت تبعاته الصحية والاقتصادية أقل. فعلى سبيل المثال يؤدي عدم التحكم بمرض الربو الى زيارات أكثر لطلب العلاج الاسعافي، ومن المعروف أن تكلفة علاج الربو الاسعافي أعلى كثيرا من تكلفته عند حضور المريض الى زيارة مجدولة. ونظرا لكثرة الأدوية المتاحة لعلاج الربو ولاختلاف وجهات نظر الأطباء المعالجين فقد وجد أن التحكم بمرض الربو وتكلفته تقل بشكل كبير عند تطبيق طرق علاج مقننة ومحكمة ومثبته على الطب المبني على البرهان.

أسئلة تبين احتمالية الاصابة بمرض الربو
· هل حدث لك ازمة أو أزمات ربو متكرر؟
· هل حدث لك نوبات سعال في الليل؟
· هل حدث لك سعال أو أزيز من الصدر بعد التمارين؟
· هل حدث لك أزمة ربو بعد التعرض لمهيجات الحساسية؟
· هل يستمر معك السعال بعد نزلات البرد أكثر من 10 أيام؟
· هل تتحسن الأعراض بعد علاج الربو؟
ولقد قامت المبادرة العالمية للربو والتي يشرف عليها عدد كبير من المختصين والباحثين في مجال الربو والحساسية باعداد توصيات عالمية موحدة. ولقد صدر أولها في منتصف التسعينات ويتم تجديدها بشكل منتظم، وصدر آخر تحديث لها في شهر نوفمبر من عام 2006م محتويا على العديد من المفاهيم التي غيرت طرق التعامل مع حالات الربو. وتحرص التوصيات العالمية للعناية بمرض الربو إلى الوصول إلى التشخيص بشكل مبكر وصحيح، والجدول المرفق يبين الأسئلة التي يفترض أن تطرح على المريض لمعرفة إحتمالية معاناته من المرض وبالتالي عمل الفحوصات اللازمة.

إن من أهم التغيرات التي حدثت في التوصيات الجديدة للمبادرة العالمية اعتمادها على التحكم بالربو لرسم الخطة العلاجية بدلا من الاعتماد على حدته. ويعد هذا التغيير انعكاسا لتغير مفهوم العناية بالمرض بحيث أصبح الهدف الأساسي الوصول إلى تحكم أفضل. ويتم سؤال المريض ستة اسئلة تبين مدى التحكم بالمرض، وهذه الأسئلة : هل حدثت لك أعراض الربو اثناء النهار؟، وهل أثر الربو على فعاليات أدائك اليومي؟، وهل أدى الربو الى استيقاظك في الليل؟، وهل استخدمت بخاخ الربو أكثر من مرتين في الأسبوع؟، وكم قياس وظائف الرئة؟، وهل حدثت لك أزمات ربو السنة الماضية؟. فإذا كانت الاجابة بنعم على سؤالين من الاسئلة السابقة فذلك يعني أن الربو متحكم به بشكل جزئي. أما أذا كانت الإجابة بنعم لثلاثة أسئلة او أكثر فذلك يدل على أن الربو غير متحكم به. وفي أي من الحالات فالتوصيات العالمية تعطي تعليمات محددة وواضحة، فإذا كان الربو متحكم به لفترة شهرين الى ثلاثة اشهر فذلك يستدعي تقليل الأدوية بالتدرج حتى الوصول الى أقل جرعة ممكنة للتحكم بالمرض. أما إذا كان التحكم جزئيا فذلك يستدعي رفع جرعة العلاج الوقائي. وفي حالة ان الربو غير متحكم به فهذا يستدعي تقييم الحالة بشكل أشمل وأعم من أجل الوصول الى تحكم أفضل بالربو. أما عند حدوث أزمات الربو فلابد من التعامل مع الحالة كحالة الاسعافية.

ولا يزال البخاخ الحاوي على الكورتيزون العلاج المفضل لحالات الربو الجديدة، إلا أن هناك براهين على أن الأدوية المضادة لمادة الليكوترين بديلا مقبولا لبخاخ الكورتيزون خاصة في الحالات الخفيفة الحدة ولدى الأطفال. وفي الحالات الأكثر حدة أو غير المتحكم بها فيضاف البخاخ الموسع للقصبات الهوائية طويل الأمد كخيار أفضل، مع الأخذ في عين الاعتبار أمكانية إضافة الأدوية المضادة لمادة الليكوترين أو مضاعفة جرعة بخاخ الكورتيزون. واتضحت الرؤية بشكل اكبر بناء على البراهين المتاحة بالنسبة لعلاج جديد مضاد لاحدى مواد الحساسية (Xolair) والذي يستخدم في الحالة الغير متحكم بها وشديدة الحدة مع استخدام أقراص الكورتيزون ولديها حساسية مثبتة بفحص الجلد او بعض التحاليل المخبرية الخاصة. ويؤدي هذا العلاج الى تحكم أفضل بمرض الربو وتقليل استخدام الكورتيزون.

ولا تزال المبادرة العالمية للربو توصى بتكوين شراكة فاعلة بين المريض والعاملين في المجال الصحي. فمن أهم محاور هذه الشراكة تثقيف المريض عن مرضه، ووضع أهداف مشتركة للوصول إلى تحكم أفضل، كذلك وضع المسئولية على المريض لمعرفة مدى التحكم بالمرض عبر إجابة الأسئلة المذكورة سابقا التي تساعد الطبيب على وضع الخطة العلاجية المناسبة. فلقد أثبتت الدراسات العلمية أن خطة الشركة هذه تؤدى إلى نوعية حياة أفضل للمريض واستخدام أرشد للموارد الصحية بتوجيهها لعدد أكبر من المرضى. وركزت المبادرة العالمية على كيفية طرق تطبيق التوصيات الخاصة بمرض الربو عبر تحديد الوسائل المتاحة والمصاعب المتوقعة، وبالتالي تركيز الجهود للاستفادة الأفضل للإمكانات المتاحة وتذليل العقبات والمصاعب حسب واقع كل مجتمع.

وأخيرا فإن التطورات الكبيرة في علاج مرض الربو والبراهين العلمية المتراكمة تعطى مزيدا من الأمل لمرضى الربو بالوصول إلى تحكم أفضل عبر الأدوية المتاحة وطرق العلاج المتجددة.

موضوع طبي: التأهيل التنفسي



التأهيل التنفسي




د. محمد بن سعد المعمري



إن التأهيل التنفسي برنامج يساعد على تحسين أداء الجهاز التنفسي ومستوى النشاط اليومي والحالة الصحية العامة للمرضى الذين يعانون من أمراض الصدر المزمنة. وهذا يؤدي إلى قدرتهم على التكيف مع متطلبات الحياة المختلفة ويخفف من إحساسهم بضيق التنفس ويعزز من ثقتهم بأنفسهم.يستفيد من البرنامج المصابين بأمراض الصدر المزمنة مثل الانسداد الرئوي المزمن، والربو المتقدم، وتليف الرئة، وتمدد القصبات الهوائية.يتم إعداد برنامج خاص لكل مريض من قبل أخصائي التأهيل التنفسي حسب حالته الصحية ومستوى نشاطه وقوته العضلية تحت إشراف أخصائي علاج طبيعي مؤهلين.


فائدة البرنامج


تحسين أدائك لمهمات الحياة اليومية .
التعامل مع الحالة الصحية.
معرفة المرض وأعراضه.

مكونات برنامج التأهيل التنفسي:


التثقيف الصحي
تمارين التنفس
تمارين رياضية لزيادة لياقة الجسم
مناقشة النواحي النفسية والاجتماعية








موضوع طبي: الوقاية من جلطة الوريد





تعد جلطات الأوعية الدموية التي تصيب الوريد من الأمراض الصامتة، وتؤدي أحيانا إلى عواقب وخيمة، وتحدث عندما تتكون جلطة داخل أحد الأوردة، مثل أوردة الساقين، بحيث تؤدي إلى انسدادها بشكل كامل أو جزئي. لذلك لابد أن تشخص وتعالج بشكل مبكر قبل أن تؤدي إلى مشاكل عديدة ربما تصل إلى الوفاة لا سمح الله عند انسداد أحد الأوعية الدموية الرئيسة.

س) ما هي جلطة الوريد؟


ج) الوعاء الدموي ينقل الدم داخل الجسم، وهو نوعان: شريان ينقل الدم من القلب إلى أجزاء الجسم المختلفة، أما الوريد فيعيد الدم إلى القلب. سرعة جريان الدم داخل الوريد أقل من الشريان؛ لذلك يكون معرض أكثر لتخثر الدم داخله وتكون الجلطة. عندما تقل حركة الدم داخل الوريد أو يتعرض إلى إصابة، يبداء الدم بالتخثر لتتكون الجلطة، وينتج عن ذلك تضيق أو انسداد الوريد. تسبب الجلطة في الوريد التي تحدث عادة في الجزء السفلي من الجسم مشاكل عديدة أهمها انفصال جزء من الجلطة وانتقالها إلى شرايين الرئة لتسبب جلطة الرئة. تؤدى الجلطات الكبيرة في الأوعية الدموية داخل الرئة إلى انسداد أحد الشرايين الكبيرة أحيانا وهذا يؤدي في بعض الحالات إلى لوفاة لا سمح الله.

س: ما مدى انتشار جلطة الوريد؟

ج: يتعرض المرضى المنومين في المستشفى للجلطة في الوريد أثناء التنويم داخل المستشفى، ويقدر أن نسبة الوفاة عند من لا يتم تشخيص جلطة الوريد لديهم بين10-20%. لذلك تعد جلطة الوريد المسبب الرئيسي لحالات الوفاة غير معروفة السبب في المستشفيات. إن معرفة هذه الحقائق يحتم طلب تطبيق الإجراءات الوقائية التي تؤدي إلى تضاؤل الخطر بنسبة كبيرة، خاصة وأن إجراءات الوقاية سهلة التطبيق.

س: ما هي العوامل التي تؤدي إلى حدوث جلطة الوريد؟
هناك عوامل عديدة تؤدي إلى احتمالية حدوث جلطة الوريد، ولا يعني وجودها ضرورة حدوث الجلطة، ومن أهم هذه العوامل:
تقدم العمر.
عدم الحركة لفترة طويلة.
الأمراض التي تؤثر على الحركة مثل الشلل.
الأمراض الخبيثة.
العمليات الكبيرة.
السمنة المفرطة.
الإصابات خاصة كسور العظام الطويلة.
الأمراض المزمنة المتقدمة مثل فشل الجهاز التنفسي وهبوط القلب.
الحمل واستخدام الحبوب المانعة للحمل.
عوامل وراثية.

س: ما هي أعراض جلطة الوريد؟

ج: لا يمكن تشخيص جلطة الوريد بسهولة في بعض الأحيان. ومن أهم أعراضها:
جلطة الوريد التي تصيب الساق: ألم في الساق مع انتفاخ، تغيير في لون الجلد.
جلطة شرايين الرئة: ضيق في التنفس، ألم في الصدر، خفقان، سعال يكون مصحوباً بدم أحياناً.

س: كيف تتم الوقاية من جلطات الوريد؟

ج: أهم وأبسط إجراءات الوقاية يكون بالتحرك بشكل منتظم لكي يتم تحريك الدم في الأوعية الدموية لمنع الجلطات. المرضى الذين لا يستطيعون الحركة يتم استخدام بعض الإجراءات مثل الجوارب الضاغطة أو بعض الأجهزة التي تساعد على تحريك الدم في الساقين من خلال الضغط المنتظم. هناك ثلاثة أنواع من الأدوية تعمل على زيادة سيولة الدم لمنع الجلطات وهي:
الهيبارين ويعطي على شكل حقن تحت الجلد أو في الوريد.
الهيبارين طويل الامد
أقراص الورفارين
أحياناً يتم عمل فحص مخبري لقياس سيولة الدم.

س: كيف يتم علاج جلطة الوريد؟

ج- هناك عدة طرق للعلاج وعادة يتم وصف مسيل الدم عن طريق الوريد أو تحت الجلد لعدة أيام، وفي هذه الأثناء يتم البدء بأقراص الورفارين لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر. يتم علاج بعض الحالات الخاصة لفترة طويلة. أحيانا يتم تطبيق بعض الإجراءات العلاجية مثل فلتر الدم الذي يوضع في الوريد الأجوف السفلى، أو عمل عملية لاستخراج الجلطة في الحالات الخطرة.


د. محمد بن سعد المعمري




الخميس، 24 سبتمبر 2009

موضوع طبي: الدرن الرئوي (Pulmonary Tuberculosis )


الدرن الرئوي (Pulmonary Tuberculosis )



الدرن يعتبر أحد الأمراض التي تم التحكم فيها بنسبة كبيرة بعد توفر وسائل التشخيص والعلاج الحديثة.وحتى نهاية القران الرابع عشر تناقصت الإصابة بالدرن تدريجيا، إلا أنه مع بداية ظهور مرض نقص المناعة المكتسب وتراخي بعض البرامج الوقائية بدأت نسبة الإصابة بالدرن تزداد مما استدعى عودة الاهتمام به مرة أخرى وتوجيه جهود أكثر للاهتمام بالمرض، والدرن يصيب أجزاء كثيرة من جسم الانسان وأكثرها إصابة الجهاز التنفسي لذلك سنورد نبذة عن الدرن الرئوي.فالإنسان يصاب بالدرن عن طريق استنشاق عصياته من الهواء الملوث بها, عند وصول هذه العصيات إلى الرئتين، تتخلص منها عن طريق الجهاز المناعي إلا أنه تبقى نسبة أقل خاملة بحيث تنشط عند تعرض الإنسان لعارض صحي أو التعرض للعدوى مرة أخرى.

الأعراض:


أعراض الدرن الرئوي كثيرة وهي تنقسم إلى:


أًعراض عامة: يشترك بها مع أنواع الدرن الأخرى مثل خمول عام وارتفاع في حرارة الجسم وزيادة في التعرق خصوصا في الليل وفقدان الشهية للطعام تتسبب في نقص الوزن,
أما الأعراض الخاصة بالجهاز التنفسي فأهمها السعال المزمن المصحوب ببلغم أو دم وألم في الصدر التي تزيد عند السعال أو الشهيق أو كتمة في النفس.
فعند قراءة هذه الأعراض ينبغي عدم القلق من أن أي شخص لديه مثل هذه الأعراض يكون لديه درن رئوي ولكن إذا استمرت هذه الأعراض لفترة طويلة فإن الدرن قد يكون أحد الأسباب المحتملة خصوصاً عند تعامل المريض مع شخص مصاب بدرن مفتوح أو معد لذلك يلزم مراجعة طبيب مختص لتقييم الحالة.

التشخيص:

هناك الكثير من الفحوصات لتشخيص المصاب بالدرن الرئوي وأهمها:1 أشعة الصدر التي تبين بعض العلامات الدالة على الدرن مثلاً الالتهاب الصدري خصوصاً في الفصوص العلوية أو حدوث تجويف في الرئتين أو استسقاء رئوي أو تضخم في الغدد الليمفاوية.2 تحليل البلغم بصبغات خاصة تكشف عن عصيات الدرن وهذا تحليل سهل نسبيا ويوجد في الكثير من المستشفيات.3 زراعة البلغم والتي عطي نتيجة أكيدة عند 60-70% من الحالات وكذلك يتم عن طريق معرفة مدى قابلية عصيات الدرن للعلاج.4 عند عدم الوصول الى التشخيص الأكيد فقد يلزم عمل منظار رئوي لعمل مسحة أو غسيل وأخذ عينة من الرئة. وهو إجراء على جانب كبير من الأمان.5 هناك بعض الوسائل التي تستطيع الكشف عن جرثومة الدرن خلال فترة قصيرة لا تتجاوز ساعات ولكنها لا توجد إلا في بعض المراكز المتقدمة.

العلاج:

الوقاية من مرض الدرن ضرورية وذلك بعلاج الحالات المصابة وعزلها لمدة اسبوعين أو حتى يتم التخلص من هذه العصيات على أن يكون المريض منتظماً على العلاج.يعالج الدرن الرئوي لمدة 6 أشهر من العلاج المنظم، في أول شهرين تستخدم (3-4) أدوية؛ ثم تكمل باقي الفترة (أربعة أشهر) بنوعين آخرين من العلاج.نسبة نجاح علاج الدرن عالية جداً وتتجاوز 90% اذا كانت عصيات الدرن غير مقاومة للأدوية.


د. محمد بن سعد المعمري