السبت، 10 أبريل 2010

خواطر أكاديمية: كفاءة المخرجات التعليمية وصناعة المعرفة

خواطر أكاديمية

كفاءة المخرجات التعليمية وصناعة المعرفة

د. محمد بن سعد المعمري

-------------------------------------------------------------------------------------------

يُعدُّ التوجه الذي نراه حديثًا بالبعد عن التعلم التقليدى توجهٌ محموداً، وذلك بالابتعاد عن التلقين وإجبار المتعلم قسراً على تلقى المعرفة بوسائل غير تفاعليه. فلقد كان اساس العملية التعليمية ـ طوال عقود من الزمن ـ التركيز على تلقي المعرفة وليس اكتسابها، وكان دور المتعلم سلبياُ يقتصر هدفه على اجتياز الامتحان دون تركيز على أهمية استمرارية التعلم بتلقي المعرفة والحصول على المهارات الأساسية لمستقبل وظيفي وعلمي أفضل. فتجاوز الطرق التقليدية وتغييرها لم يكن سهلاً؛ بل كان عبر طفرة تعليمية حديثة، وتطبيق طرق إبداعية بُنيت على عدة براهين علمية، يُعتمَد فيها على أهمية أن يكون المتعلم عنصراً نشطاً مستمتعا ببيئته التعليمية، كما أنها غيَّرت مفهوم أسس التعلم من تلقين المتعلم مواد معدة سلفًا إلى تحديد الأهداف التعليمية مُسبقاُ ومعاملتها كعقد ملزم للمعلم والمتعلم. واستمرت آلية التطوير تُركِّز على مفهوم الكفاءة الذى يُعنى بأهمية الأداء الناجح للعمل بمستوى معرفي عالٍ، واكتساب المهارات الأساسية لادائه مع التحلى بالأخلاقيات والسلوكيات التى تتماشى مع أصول المهنة. وأدى ذلك إلى تحديد قائمة بالمهام والمهارات التى يجب أن يكتسبها المتعلم ضمانًا لمخرجات تعليمية ذات جودة عالية. ففى مجال العمل الطبي حُدِّدت اُسس رئيسة للتعلم تضمن تخريج أجيال قادرة على التكيف مع الكم الهائل من المعرفة، وعلى التزود الدائم بكل ماهو مفيد وأساسي. ولا يعد الوصول إلى مستوى معرفي عالٍ كافيًا لوحده، بل لا بد أن يكون المتعلم ـ طالباً كان أو طبيباً متدرباً لديه الكفاءة اللازمة والمتجددة، وملكة تفكير منطقي نشطة لحل المعضلات ولتقديم الرعاية الصحية السليمة للمريض. كما أن التعلم لا يتوقف عند الحصول على الشهادة المطلوبة، وإنما ينبغى استمراره طوال حياة الطبيب المهنية، ويكون كذلك تعلمًا منهجياً منتظماً ومعتمداً على الوسائل الحديثة. وللوصول إلى الكفاءة المطلوبة في العمل؛ يلزم التركيز في جميع محاور التعلم على المهنية والقدرة على التواصل الإيجابي بين أعضاء فريق العمل، وبين الطبيب والمريض لتكوين شراكة فاعلة ومثمرة. وهذا يحتم أن يكون الطبيب عنصرا مؤثراً في مجتمعة بتقديمه لخدمات تُعزِّز دوره في المحافظة على الصحة والوقاية من المرض. إن العملية التعليمية الحديثة معقدة ومركبة، ولكن مخرجاتها تعد حجر الأساس في تكوين مجتمع معرفى قادر على استيعاب المعرفة والوصول إلى صناعتها وتصديرها.