الخميس، 14 أبريل 2011

خواطر أكاديمية: تكامل القطاعين الصحي والتعليمي

خواطر أكاديمية

تكامل القطاعين الصحي والتعليمي

د. محمد بن سعد المعمري

أبريل 2011

يقف القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية الآن على عتبات طفرة كبيرة نتيجة للدعم الحكومي السخي الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين مؤخراً عبر حزمة أوامر ملكية كريمة هدفت إلى ترقيته توسيعًا لدائرة الرخاء والرفاهية التي يتمتع بها المواطن. وتجلَّت إرهاصات هذه الطفرة في تغطيتها للمناطق كافة بمراكز طبية متقدمة ومتخصصة. ولتعزيز القيمة المضافة لهذه المشاريع الجبارة؛ فإن تكاملها مع التعليم الصحي المهني يعدُّ ذا أهمية كبيرة فيما يتعلق بزيادة الطاقة الاستيعابية للكليات الصحية وإتاحة أماكن تعليم وتدريب لطلاب المهن الصحية وبرامج الدراسات العليا. وما لم يؤخذ ذلك في الحسبان عند إنشاء تلك المؤسسات؛ فسنفقد فرصة ذهبية في أن تكتسب المنشآت الصحية الجديدة بُعدًا تعليميًّا وتدريبيًّا، ويتحقق ذلك عبر رسم رؤى واستراتيجيات تدعم الجانب البحثي والتعليمي والتدريبي، ويبدأ ذلك بفتح باب الابتعاث المبكر لإعداد قيادات صحية وإدراية ومهنية تتولى مسؤولية وإدارة تلك المنشآت التي تقع في نطاق جغرافي غير بعيد من المدن الجامعية تسهيلاً لعملية التواصل بينها، مع مراعاة أن تحتوى المدن الصحية عند إعداد تصاميمها على تجهيزات تساعد على التعليم والتدريب كقاعات النقاش والفصول الذكية وقاعات المحاضرات. كما أن استحداث مراكز للمحاكاة السريرية تسعى إلى تحقيق مستويات عالية من سلامة المريض، ومن ثمَّ التقليل من الأخطاء الطبية، ويتيح في الوقت نفسه المجال أمام العاملين والمتعلمين في تلك المناطق للافادة من تلك الإمكانيات. وعلى العكس من المعايير التي وضعتها الهيئة السعودية للتخصصات الصحية عن عدد الأسِرَّة مقابل المتدربين في كل تخصص، لا توجد معايير واضحة لعددها مقابل الطلاب المتدربين، وتُقدِّر بعض المراجع ألاَّ يتجاوز عدد المقبولين سنوياً لكليات الطب مائة طالب لكل 500 سرير، لذا يعدُّ توافر عدد كاف من الأسرَّة لتدريب الطلاب هاجسًا مقلقًا للقائمين على العملية التعليمية في قطاع التعليم العالي الصحي. وعند تصميم رؤوية استراتيجية للتكامل بين المدن الجامعية والمدن الطبية في مناطق المملكة، فإن كل منهما سيعزِّز الآخر بحيث تضيف الجامعات للقطاعات الصحية البعد الاكاديمي والبحثي، مما ينعكس إيجاباً على نوعية الخدمات المقدمة، وفي المقابل تزداد القدرة الاستيعابية للتخصصات الصحية عبر تأمين أماكن تدريب أكثر، والاستفادة من الخبرات الموجودة في المنشآت الصحية في الجانب التعليمي، والمحصلة النهائية لهذا التكامل قيمة اضافية لكلا القطاعين.

الأحد، 3 أبريل 2011

المدونة الصحية الاكاديمية - د. محمد بن سعد المعمري: زاوية حروف من قلم: عندما تتجاوز الارادة طموحاتنا

المدونة الصحية الاكاديمية - د. محمد بن سعد المعمري: زاوية حروف من قلم: عندما تتجاوز الارادة طموحاتنا: "عندما تتجاوز الارادة طموحاتنا د. محمد بن سعد المعمري قبل سنوات مضت؛ كانت الإمكانات عائقًا أمام طموحاتنا، أما اليوم، فوفرة المتاح من..."

زاوية حروف من قلم: عندما تتجاوز الارادة طموحاتنا

عندما تتجاوز الارادة طموحاتنا

د. محمد بن سعد المعمري

قبل سنوات مضت؛ كانت الإمكانات عائقًا أمام طموحاتنا، أما اليوم، فوفرة المتاح منها يجعلنا أمام تحدى كبير لنحقق ما نطمح إليه... فحزمة الأوامر الملكية التى أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على دفعتين؛ وضعت السلطات التنفيذية بالقطاعات الحكومية والخاصة أمام تحدٍّ كبير لتلبية إرادة ملك يسعى إلى بناء الوطن والإنسان، وقد تجاوز مداها سقف توقعات المراقبين بمراحل، وتميَّزت بشموليتها ورحابتها وغاياتها الرامية إلى تحقيق الاحتياجات الآنية للمواطنين، ووضع حلول جذرية لبعض الملفات العالقة لفترة طويلة.

وقد راعت حزمة القرارات السابقة تخصيص دعم سخي لمعالجة النقص الحاصل في القطاع الصحي، إذ لم يتم الاكتفاء بالمنشآت التى يجري تنفيذها في الوقت الحالي؛ بل رُصد دعمٌ مقدر لهذا القطاع بلغ 16 مليار ريال بغرض إنشاء مدن تخصصية للرعاية المتقدمة في المناطق الرئيسية عبر مراكز متخصصة تتعامل مع أمراض العصر وهي أمراض القلب وأمراض الجهاز العصبي. فأغلب أسِرَّة المستشفيات يشغلها ـ لفترات طويلة ـ مرضى الجلطات وأمراض الجهاز العصبي المزمنة، وهدفت هذه المبادرة إلى التعامل مع الضغوط التى يتعرض لها النظام الصحي عبر مراكز صحية متقدمة ومهيأة لإيجاد الحلول المناسبة. كما أُضيفت أعداد كبيرة من أسِرَّة العناية المركزة تخفيفًا للعبء على المستشفيات التخصصية بالمدن الرئيسة.

أما ملف الاسكان الذي يشكل معاناة حقيقية لكثير من المواطنين، أمكن الآن التعامل معه بحكمة تمثلت في زيادة عدد القروض وقيمتها عبْر صندوق التنمية العقاري، وبناء نصف مليون وحدة سكنية في المحافظات السعودية المختلفة بواسطة هيئة الإسكان. ولا شك أن ضخامة مخصصات برامج الإسكان تستنفر قطاع الإنشاء في المملكة العربية السعودية وتضعه على المحك لتلبية الرغبة القوية لخادم الحرمين الشريفين في تهيئة السكن المناسب لكل مواطن.

وكانت مشكلة البطالة حاضرة في مخيلة خادم الحرمين الشريفين؛ فوضع لها ضوابط تعزز من دائرة الفرص الوظيفية للباحثين عن عمل مع تحديد حدٍّ أدنى للاجور، وتشريع أو استحداث إعانة للعاطلين عن العمل. وفي الجانب التشريعي، فإن إنشاء هيئة لمكافحة الفساد يعطي بعداً إضافياً لتلك القرارت لضمان تنفيذها وتقريرها على أتم وجه خلال الفترة المقترحة.

إن حزمة القرات الأخيرة أضافة تفاصيل أكثر للمشهد السعودي العام الذي لا تزال معالمه تتشكل من خلال الورشة الضخمة التى تسعى إلى إكمال تلك المشاريع الجبارة في مجالات عديدة مثل التعليم بقطاعيه العام والعالي، ومشاريع الطرقات، والمدن الصناعية، والمطارات وغيرها مما يصعب حصره. كما تم التعامل مع هذه الملفات برؤية استراتيجية واضحة لتحقيق تكامل الخدمات في كافة المناطق حيث نجد مشاريع قائمة أو على وشك التنفيذ للمدن الجامعية، والمدن الصناعية، والمركز الطبية، والمطارات مما يعزز برامج التنمية المستدامة في هذه المناطق، ويقلل معدلات الهجرة للمدن الرئيسة التى تعاني ضغطًا كبيرًا على خدماتها، وربما أدى ذلك إلى هجرة عكسية إلى تلك المناطق. فحقاً إنها إرادة قائد يحمل رؤية واضحة لبناء الوطن والإنسان.