الخميس، 10 مارس 2011

حروف من قلم: نأسف ... لا نستطيع علاجك

زاوية: حروف من قلم

نأسف ... لا نستطيع علاجك

د. محمد بن سعد المعمري

ابريل 2011

عند اقترابه من احد المطارات، طلب كابتن الطائرة من الخدمات الارضية سيارة اسعاف لأحد الركاب ... اتضح لاحقاً أن قائد الطائرة هو من كان يعاني من علامات ازمة قلبية وتصرف بإنسانية رأفة بالركاب ورغبة بأن لا يسبب قلقاً لطاقم طائرته وركابها ... نقلته سيارة الاسعاف الى مستوصف قريب ... طمئنوه بأن حالته لا تستدعى القلق وخرج يمشى على رجليه لكن لم يتعامل أحد منهم مع وضعه بالطريقة السليمة ... بعد ساعات ازداد الالم، نقله اصدقائه مضيفي الطائرة الى اقرب مستشفى الذي رفض علاجه بسبب ان شركته لم تدفع مستحقاتهم ... ينقله صحبه الى مستشفى أخر، فيفارق الحياة في الطريق. روح فقدت بسيناريو محزن، لكنه يكشف جوانب نقص عديدة ويوضح لنا عدم اهتمام باهمية جودة الاداء وأمانته التى لو طبقت على وجهها الصحيح لتلافينا فقدان روح شخص منتج كان بالامكان اتخاذ الاجراء المناسب لتقديم الرعاية له.

عند عملنا تحليل جذري بسيط وسريع للمشكلة التى ربما مرت مرور الكرام، نكتشف الكثير من جوانب القصور في الاداء، هل تم عمل فحص دوري للكابتن من قبل شركة الطيران؟ ... الذى لولا رحمة الله بالركاب لحصلت الحادثة وهم في الاجواء وحصل ما لا يحمد عقباه. هل تم تهيئة اسعاف المطار الدولي ومستوصفه بالامكانات المناسبة للكشف عن تلك الازمة القلبية في بدايتها؟ ... والذي لو حدث لامكن اسعافه او ارساله الى المكان المناسب. هل وفر فندق الخمسة النجوم امكانية الوصول الى الرعاية الطبية لنزلائه والتعامل مع مثل تلك الحالة الطارئة؟ ... والتى لو عملت لتم نقله بسيارة اسعاف مجهزة. هل أمنت تلك الشركة العالمية التأمين اللازم لمنوسوبيها؟ ... والذي يفترض ان تكون رعاية كابتن طائرة كاملة وشاملة، هل تعامل المستشفى الذي رفض علاجه وتعالى على الجوانب الانسانية وتناسى تعليمات وزارة الصحة بعلاج الحالات الاسعافية أو على أقل تقدير نقله بإسعافه؟. حادثة رويت على بضع سطور في الصحف ومصيرها النسيان بعد فترة قليلة، لكنها تحمل بين طياتها أسئلة كثيرة تكشف لنا جوانب القصور في الاداء، وتبين لنا أيضاً ضعف الترابط والانسجام بين أطراف عديدة يفترض فيها أن تكون السلامة شعارها الأول. لو حدثت هذه الحالة في مكان أخر لتسابق المحامين على تبنيها، وحسب سياق الحدث سيجدوا العديد من الثغرات والاخطاء لكسب القضية. والأهم من ذلك هل ستقوم الجهة المعنية بعمل حلول جذرية لتلافي حدوث هذه المشكلة مرة أخرى والتى ربما أدت الى كارثة كبيرة لولا لطف الله بالركاب؛ أما الأهم ما هو مصير عائلة كابتن الطائرة ومن سيقدم العزاء والمواساة لهم في فقد عائلهم.

أنثر تلك الحروف من قلمي، ولا أملك إلا عرض التساؤولات العديدة والكثيرة، ولا أملك اجابة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق