السبت، 9 يناير 2010

خواطر أكاديمية: تكوين شخصية الطالب

خواطر أكاديمية

تكوين شخصية الطالب

يناير 2010

د. محمد بن سعد المعمري

لا تقتصر خطة أي صرح أكاديمي على تقديم برامج تعليمية متطورة عبر وسائل تقنية إبداعية في بيئة أكاديمية متميزة فقط، بل تُعوِّل كذلك على الاهتمام بالانشطة غير المنهجية ودعمها وتفعيلها، ويعد ذلك جزءًا من رسالة أي جامعة تستهدف الوصول إلى مخرجات تعليمية ذات جودة عالية، لذلك فإن من أهم طرق تحقيق هذه الرسالة؛ زيادة رصيد الطالب المعرفي وصقل مهاراته عبر فعاليات متعدِّدة خارج الفصول الدراسية. وبذلك تخرج العلاقة بين الطالب ومعلمه من الاطر التقليدية والأنشطة الصفية البحتة ـ التى كانت تعد من أٌسس تحصيله العلمي ـ إلى أفق أرحب من التفاعل والتواصل البناء، وبما يتوافق مع الهوية الوطنية والضوابط الاجتماعية والأهداف الإنسانية. ومن البدهي أن تساهم وسائل الاتصال الحديثة ـ مثل الإنترنت ووسائل الاعلام المختلفة ووسائط الاتصال المتقدمة ـ في توسيع قاعدة الأنشطة غير الصفية والتوعية لتنتفع بها شريحة كبيرة من المجتمع، وفي توعية الطالب بأهمية استثمار وقته والاستفادة منه لتنشيط قدراته الذهنية وطاقاته الجسمية. وتهيئ ممارسة هذه الانشطة للطالب فرصة تحقيق ذاته عبر اختيار النشاط الذي يتوافق مع ميوله، ويصوغ من خلاله تصوراته المستقبلية. وهو بذلك يُنمِّي إحساسه بالمسؤولية، فمتى ما حظي بحرية الاختيار؛ فإنه سيتفانى في إثبات وجوده وقدراته، فهذا النوع من النشاط يُخرجه من من لُجَّة تركيزه على تخصصه إلى الاهتمام أكثر ببناء مهاراته بتزكية روح العمل الجماعي في داخله ومن ثم الانخراط في مشاركة فاعلة مع فريق يضم أشخاصًا يمثلون مجالات مختلفة، وبهذا يكتسب قدرة على التعاون والتكُّيف مع الأخر مما يحقق تكامله واتزانه نفسيًّا وذهنيًّا واجتماعيًّا. وتنشط لديه أيضًا مهارات التواصل والحوار مع بيئة تختلف كلية عن بيئته الجامعية والمنزلية. وهي تقوده إلى رؤية نتيجة مخرجات عمله، ويستمتع كثيرًا بالإشادة عندما تأتيه من مصادر مختلفة ومستويات متعددة. وتُنير كذلك طريق حياته المستقبلية بما يدفع بيئته المحيطة إلى تشكيل إنطباع ايجابي عنه. وتبرز أهمية الانشطة غير المنهجية بشكل أكبر في التخصصات الصحية التى يتزايد اعتمادها على روح العمل الجماعي والتواصل والتفاني ونكران الذات بسبب طبيعتها التى تتعامل مع المريض. كما تتراكم لديه مهارات عديدة تشكل النواة أو اللبنات المكونه لشخصيته كعضو فاعل في مجتمعه ونافع لوطنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق