الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: جامعة بلا ورق


خواطر أكاديمية

جامعة بلا ورق


ديسمبر 2009



د. محمد بن سعد المعمري


تواجه عملية الانتقال من الطرق التقليدية إلى الطرق الإبداعية الحديثة في العادة عدة عقبات؛ فعلى مدى سنوات طويلة استحكم التعامل بالورق في المعاملات الديوانية والمكتبية وأصبح روتينًا راسخًا لا يمكن الحياد عنه، أما ألان فقد انتقل الورق إلى الهامش، وأضحت عملية الاستغناء عنه في المجالين الاكاديمي والبحثي واقعًا لا يمكن تجاهله، فنحن نعايش الآن خطوات منتظمة ومتسارعة لتحويل المناهج الأكاديمية إلى إلكترونية محملة على الشبكة العنكبوتية أو على بعض الوسائط الحديثة، ويبدو ذلك واضحًا في الاستخدام المتزايد للتواصل الإلكتروني وما يحظى به من قبول ملحوظ في أوساط المتعاملين. ونتمنى أن يعمَّ الاستخدام الإلكتروني العمليات الإدارية كافة. ولا شك أن الجهود المبذولة الآن لا تزال محدودة ولم تتطور إلى استراتيجية يتبناها الجميع مدعومة بنظم إدارة حديثة تتطوع لتوافق متطلبات الجامعة. فتصوير التعاميم والمشاريع والتعيينات والترقيات والنشر مع تصنيفها وتوزيعها وتجليدها تستهلك كميات كبيرة من الورق وأسطوانات الحبر، وتهدر وقتًا ثمينًا للعاملين في إعدادها، فضلاً عن تأخر وصولها إلى المعنين عبر البريد التقليدي، إضافة إلى إجراءات استقبالها وفرزها وحفظها والرد عليها. فتلك تكلفة مالية عالية جدًّا؛ خاصة إذا أضفنا لها قيمة المهدر من الأوقات. وفي المقابل لا يمكننا إغفال سرعة إنجاز العمليات الادارية والاكاديمية عند مكننتها أليا وانعكاسها على مدى رضى أصحاب المصلحة من طلاب وأعضاء هيئة تدريس والعاملين كافة. وللأسف لا توجد لدينا إحصائيات دقيقة عن كمية الورق المستخدم وحجم التكلفة المصاحبة لكل ورقة!! لكن إحدى جامعاتنا السعودية قدَّرت أن كمية الأوراق المستخدمة لمجلسها العلمي تبلغ عشرين ألف ورقة أسبوعيًّا. ولذا فإن عملية الانتقال إلى آليات العمل دون ورق تتطلب جهدًا مؤسسيًّا وقرارًا استراتيجيًّا لحصر كل العمليات الأكاديمية والإدارية وتوفير الإمكانات البشرية والإدارية التى تُحيل تلك العمليات إلى تعاملات آليه بحتة. وبالطبع فإن عملية التغيير لن تكون سهلة أيضًا على مستوى مستهلك تلك الخدمات؛ خاصة إذا كان تقليديًّا لا يؤمن إلا بالتعامل الورقى ويستصعب التعامل مع التقنية. عليه تلزمنا تهيئة وتعزيز مهارات التعامل الإلكتروني وتوفير النهايات الطرفية التى تُمكِّن الجميع من الوصول إلى تلك الانظمة، كما أن إتاحة الوصول إليها خارج جدران الجامعة؛ ترفع قدرة التواصل بين كافة أصحاب المصلحة. وقد بيَّنت تجربة العديد من القطاعات تحسُّن عامل الرضى لدى المستهلكين بشكل كبير عند مكننة العمليات بنظم سهلة التطبيق.. ونتطلع مع اقتراب تسلُّم مشاريع المدن الجامعية الجديدة وما تحويه من تقنيات ذكية، إلى إطلاق شعار: "جامعة بلا ورق".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق