الجمعة، 20 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية : المنهج ... كائن حي

خواطر أكاديمية

المنهج ... كائن حي

نوفمبر 2009

د. محمد بن سعد المعمري

تعد إدارة المناهج وتطويرها من التحديات الكبيرة للعملية الأكاديمية، فنتيجة للتقدم الكبير والتوسع السريع في المعرفة بشكل عام ومجالات البحث العلمي بشكل خاص، أصبحت عملية تطوير المناهج وادارتها عاملا مهما في استمرارية نجاح أي منشـأة أكاديمية وقدرتها على التميز والابداع والمشاركة الفاعلة في المجتمع. ويزداد التحدى في المجال الصحي لتسارع المتغيرات وارتباطها بنظام صحي يزداد تعقيدا وتطورا. فمهما بلغ تأهيل عضو هيئة التدريس ومهما بلغت البنى التحتية، فإنها لا تؤدى الى تعليم كفائته عالية النوعية من مضمون وطرق ووسائل بدون تحديد الثابت والمتغير في المناهج. فعندما تطغى الثوابت على المتغيرات، يكون المنهج جامدا ويفقد تدريجيا موائمته لاحتياجات المجتمع وجودة المخرجات التعليمية. والعكس صحيح عند تطغى المتغيرات، يفقد المنهج ثباته واستقراره وتناسق أداء أعضاء هيئة التدريس معه وعدم مواكبة وسائل التعليم له. فالثابت مثلا يشمل وجود الاهداف التعليمية والمحتوى المعرفى والمهارات الاساسية، وتنظيم المقرارت الاكاديمية، وتطبيق طرق تعليم حديثة، واستخدام الوسائل التعليمية الاليكترونية المتطورة، وتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس، وتطبيق طرق تقييم وتغذية راجعة مناسبة. أما المتغيرات فتشمل المراجعة الدورية المستمرة لمحتوى الثوابت المذكورة آنفا، والتأكد على موائمتها وتطويرها، كما تشمل أيضا المراجعة المرحلية بناء على ما ينتج من مراجعة دورية وما يستجد من معارف ومهارات وتقنيات. أما الجانب الأخر فهو إنغماس القائمين على العملية التعليمة بجوانب ادارة المنهج وتشغيله والتعامل مع المشاكل اليومية من نقص في أعضاء هيئة التدريس وتضارب المواد وتجهيز الامتحانات، ويكون ذلك على حساب تطوير المناهج واحداث التغيرات الضرورية والاساسية في الأهداف التعليمية وطرق التعليم والوسائل المطبقة وطرق التقويم. وينتج عن التركيز الكبيرعلى ادارة المنهج وتشغيله جمودا تدريجيا حتى يصبح للمناهج قدسية تؤدى مع مرور الوقت إلى مقاومة أي تغيير أو تطوير. إن العملية المنظمة لتطوير ومراجعة المناهج تؤدى إلى تحفيز القائمين عليها بعمل مراجعات دورية والنظر في توافق مخرجاتها التعليمية مع حاجة المجتمع وسوق العمل، لذا فالمنهج يتفاعل ككائن حي يتأثربالمدخلات وتؤثر عليه المخرجات ويتجاوب سلبا أو ايجابا مع العوامل المحيطة به من اعضاء هيئة تدريس ونوعية الطلاب والطرق والوسائل التعليمية والبيئة الاكاديمية بحيث يستمر في النمو في مراحل متعاقبة ليحقق أهدفه المرجوة.

هناك تعليقان (2):

  1. فرصة سعيدة يا دكتور محمد فقد تشرفت بزيادة مدونتك المميزة، وجذبني هذا المقال حول المناهج، وهو مميز لا يعلا عليه، وياليت من دعمك في تأسيس نظام تعليم طبي وصحي مبني على فلسفات ونظريات علمية تحدد ىالمناهج ونوعيتها وفلسفتها ونظريات تطبيقيها وتقويمها وتطويرها، وخلالها نحقق نظام ومناهج شاملة ومتدرجة ذات جودة كأن تتبنى التعلم المعتمد على المتعلم، التعلم بالاكتشاف والممارسة، التعلم المعتمد على المشكلات والبراهين... والاهم التعليم خطوة بخطوة.. ولي الشرف في المشاركة، فقد طالبت وكتبت كثير وعجزت....

    أبومنصور عيسى الجوحلي محاضر كلية علوم صحية جامعة الملك سعود ejohali@ksu.edu.sa

    ردحذف
  2. شكرا على التعليق ...عملية التغيير ليست بالسهلة خاصة بتجذر التعليم التقليدي، ولكن لا بد من رواد لتغيير المناهج!!!

    ردحذف