الخميس، 13 مايو 2010

خواطر أكاديمية: جسد واحد ... تجسيد للوطنية

خواطر أكاديمية

جسد واحد ... تجسيد للوطنية

مايو 2010

د. محمد بن سعد المعمري

تجلَّت - أثناء العواصف والأمطار الغزيرة التى ضربت الرياض في شهر مايو 2010- ظاهرة لفتت انتباه وسائل الإعلام وكثيرًا من المواطنين، ظاهرة أثبتت مدى حب شبابنا وشاباتنا للوطن واندفاعهم التلقائي لتلبية النداء الفطري للتعاون والتكافل والمساعدة، فبسبب قوة العاصفة وزخات المطر؛ تعطَّلت بعض الطرقات وإشارات المرور بالرياض لعدة ساعات مما أدى الى صعوبات عديدة في حركة السير، وغرق بعض السيارات في الأنفاق. ردَّات الفعل الطبيعية لشبابنا انعكست في تنظيم أنفسهم ووقوفهم عند تقاطعات الطرق لتنظيم حركة السير، وإزالة بعض الحواجز، ووضع بعض الدعامات لاستخدام الأرصفة تجنبًا لمواقع تجمعات المياه. ولكم كانت أيضا بعض لقطات الفيديو المحملة على الإنترنت في موقع (اليوتيوب) جميلة ورائعة وإنسانية. فسيارة نقل طلاب إحدى المدارس الأجنبية تغوص تدريجيًّا في أحد الأنفاق ويفقد سائقها الحيلة لإنقاذ الاطفال، لتنطلق مجموعة من الشباب مكونين سلسلة بشرية تقف على الحاجز الأسمنتى؛ بينما يقفز بعضهم في المياه لالتقاط الأطفال واحدا بعد الآخر، وخلال أقل من خمس دقائق تكتمل عملية إنقاذهم مع سائقهم ومعلمتهم وإرجاعهم إلى مدرستهم سالمين، وتتكرر تلك المشاهد التى لو كتبنا عنها لملأنا صفحات كاملة بها. جانب أخر رائع برز في تدشين حملة تطوعية بالتعاون مع الدفاع المدني لإنشاء صفحة على (الفيسبوك) في أقل من 24 ساعة بمسمى "جسد واحد... وطن واحد". وهي عبارة جدير بنا تهنئة الشباب والشابات الذين بادروا بها، ليشاركهم قرابة 5000 عضو خلال المدة نفسها، هدفٌ سامٍ ونبيل وهو مساعدة المتضررين، نشروا أسماءهم وأرقام هواتفهم، وأدارو تلك الحملة من مكان معلن في إحدى مقاهى الرياض. هذه المبادرات رأيناها في جدة أثناء محنتها، وشعرنا بها أكثر عندما عايشناها في عاصمتنا. تضمين مثل هذه التجارب في مناهجنا، ومناقشتها بين جنبات الفصول الدراسية، سيكون له أثر كبير في تعزيز مفهوم المواطنة عبر أمثلة بسيطة ومعبرة. علينا تحديد المكامن التى نود تعزيزها لدى الجيل الجديد، والقيم التى نود بذرها فيهم لينمو لديهم غراس حب الوطن، يلزمنا تحويلها إلى أهداف تعليمية مع إيجاد طرق ووسائل ابداعية لتنفيذها.

خاطرة أخرى: عندما طلبت من ابنتى أثير التى تدرس في الصف الثاني الابتدائي ربط حزام الأمان في السيارة، قالت: معلمتى شرحته لنا في موضوع "احذر تسلم" بمادة القراءة... مسألة حضارية أن تحوي مناهجنا مثل هذا المحتوى في سنوات التعليم الأولى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق