الثلاثاء، 18 يناير 2011

خواطر أكاديمية: المحاكاة السريرية: ضرورة أم ترف

خواطر أكاديمية

المحاكاة السريرية: ضرورة أم ترف

فبراير 2011

د. محمد بن سعد المعمري

إن من أهم التحديات التى تواجه تعليم المهن الصحية الحرص على سلامة المريض وإيجاد مستشفيات تعليمية وتدريبية متميزة. فحتى سنوات قليلة مضت لم يكن هناك فرصة أمام طلاب الطب والمهن الصحية الأخرى وبرامج تدريب الأطباء إلا المريض لإجادة أخذ قصة الحالة المرضية، واتقان كشف العلامات المرضية المختلفة، والحصول على المهارات الضرورية لكافة الاجراءات. وساعد على ذلك محدودية أعداد الخريجين وبرامج التدريب مما ساعد على اتاحة فرصة الوصول للمهارات الكافية تحت إشراف كافي بدون أن يكون هناك ضغوط على المريض أو تأثير على سلامته. لكن التوسع في التعليم الصحي كان سريعاً حيث قفز عدد كليات الطب الى أكثر من ثلاثون كلية إضافة إلى العشرات من التخصصات الصحية الأخرى؛ ومع صعوبة التوسع في انشاء المستشفيات أو تهيئة الحالية لتقوم بدورها التعليمي والتدريبي، صار لزاماً على القيادات التعليمية والصحية أن توجد البدائل والوسائل التي تسهم بالوصول بمُخرجات تعليمية ذات جودة عالية بدون حدوث معاناة كبيرة على المريض وسلامته. واستثماراً لنجاح صناعة المحاكاة في مجال الطيران، برز في العقدين الماضيين صناعة المحاكاة السريرية التى نمت بشكل مضطرد يساعدها علي ذلك الطلب العالي عليها والتطور التقنى والتكنولوجي المتسارع الذي أتاح فرص واعدة للابداع والابتكار. ونجد الان طيفاً واسعاً من الدمى التى تحاكي العديد من الحالات والاحداث المرضية، فيوجد أجهزة تحاكي الحالات الاسعافية والعناية المركزة والحمل والولادة وتضخم أعضاء البطن وأورام الثدى وفحص قاع العين والأذن وغيرها من التجهيزات التى يصعب حصرها. كما تم احداث برامج على الحاسب الألي وبرامج تعطى عرضاً ثلاثي الأبعاد تحاكي الواقع وتتيح للمتعلم والمتدرب الوصول الى كفاءة مرضية قبل أن يمارسها على أرض الواقع. وتشمل المحاكات السريرية أيضاً تدريب أشخاص أصحاء طبيعين على الحالات المرضية المختلفة بحيث يقوم مقام المريض ويهيء الطالب إلى أن يتعامل مع المريض الحقيقي بإسلوب مهنى راقي يراعى فيه حقوقه واحترامه وسلامته وخصوصيته. ومع أهمية المحاكات السريرية وما تلقاه من دعم في القطاعى الصحي والتعليمي، إلا أنها لا تغنى - بطبيعة الحال - عن الممارسة المباشرة المتدرجة في المستشفى التي تهيئ إلى الوصول إلي حالة من الثقة والاستقلالية في التعامل مع المريض وعائلته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق