الخميس، 11 فبراير 2010

خبر: يوم المهنة الطبي الرابع

10 فبراير 2010
يوم المهنة الطبي الرابع

تنظم جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ يوم المهنة الطبي الرابع يومي الأربعاء والخميس 10 و 11 من شهر ربيع الأول 1431 هـ (الموافق 24 و25 فبراير 2010 م) بمشاركة 12 متحدثا من رواد وخبراء التعليم والتدريب الذين يمثلون جامعات مرموقة وجمعيات عالمية معنية بمستقبل المهنة في عدد من دول العالم بالإضافة إلى أكثر من ثلاثين متحدثا من داخل المملكة وذلك بمركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض. ويستضيف برنامج اليوم تحقيقًا لرغبة الطلاب والطالبات المسجلين سعادة وكيل وزارة التعليم العالي لشؤون الابتعاث ليستعرض برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث والأمين المساعد للهيئة السعودية للتخصصات الصحية لعرض فرص التدريب المحلية. كما يستعرضون متحدثون عالميون الفرص المتاحة للتدريب في عدد من دول العالم.

صرح بذلك الدكتور محمد بن سعد المعمرى رئيس اللجنة المنظمة والعميد المشارك بكلية الطب وقال إن الجامعة تستهدف من فعاليات هذا اليوم الإسهام مع نظيراتها من الجامعات السعودية في تشكيل بيئة مناسبة لطرح واقع الطلاب والطالبات في مجالات الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة بحيث يزيح عنهم أي حيرة في تحديد الخيار الأفضل والمناسب لمستقبلهم. وأضاف: إن أنشطة يوم المهنة الطبي الرابع وكل برامجه تحظى بدعم كبير ومتابعة دقيقة ومباشرة من معالى مدير الجامعة والمدير العام التنفيذى للشؤون الصحية بالحرس الوطنى الدكتور بندر بن عبد المحسن القناوى الذي يحرص على أن تحقق هذه الفعاليات أهدافها المهنية المرجوة منها، والاَّ تقتصر على تخصص الطب البشرى فقط، وأن تتوسع لتشمل مسارات جديدة تحقق اهتمامات طلاب وطالبات كليات طب الاسنان والصيدلة وتوفر لهم أيضًا فرصة الاطلاع على كل ما يهمهم في مجالى التدريب والتوظيف بما يهيئ لهم أفاقًا مستقبلية واسعة معربًا عن أمله في أن تكون هذه المبادرة الرائدة مقدمة إلى أن يشمل يوم المهنة التخصصات الصحية الأخرى مستقبلاُ.

وتابع الدكتور المعمري مبيِّنًا أن اللجنة المنظمة أضافت إلى البرنامج حلقات تفاعلية بُغية تطوير مهارات الحضور في كتابة السير الذاتية والحوار والمقابلات الشخصية واختيار التخصص المناسب مشيرًا إلى أنشطة اليوم الثاني تتفرع لعدد من المسارات تغطي أكثر من 30 تخصصًا. وثمَّن المشاركات الفعالة لطلاب وطالبات جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية في عدد من اللجان وفي الإعلام والإعلان عن يوم المهنة الطبية مما أدَّى إلى إغلاق مدة التسجيل مبكرا بعد أن تجاوز عدد المسجلين حاجز 2500 منوهًا إلى أن اللجنة المنظمة حرصت على توفير كافة المعلومات المتعلقة بالبرنامج العام والبرنامج العلمي على الشبكة العتكبوتية: (http://www.mcd4.org/ ).

أعتمدت وأختتم د. المعمرى تصريحه موضِّحًا أن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أعتمدت 17 ساعة تعليم مستمر معتمدة علمًا بأن فكرة يوم المهنة الطبي بدأت بمبادرة طلابية لقيت دعمًا كبيرًا من عدد من الجامعات وتشجيعًا من وزارة التعليم العالى تنفيذا لرؤى خادم الحرمين الشريفين واستراتيجته الهادفة إلى تعزيز العديد من المجالات وعلى رأسها التعليم والصحة.

خبر: الجامعة في المعرض الدولي للتعليم العالي

الجامعة في المعرض الدولي للتعليم العالي
نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله افتتح معالي وزير التعليم الدكتور خالد بن محمد العنقري يوم الثلاثاء الماضي 11 صفر 1431هـ (الموافق 26 يناير 2010م) فعاليات المعرض الدولي للتعليم العالي الذي نظمته وزارة التعليم العالي 11 - 14 صفر 1431 هـ بمشاركة أكثر من 300 جامعة عالمية شهيرة المعرض من بينها جامعتي أكسفورد وكامبردج البريطانيتين، وجامعتي ييل وبيركلي الأمريكيتين، وجامعة دي روي الفرنسية، وجامعتي تورنتو وميغيل الكنديتين، وجامعة برشلونة الإسبانية، وجامعتي سيدني وأستراليا الوطنية، وجامعة طوكيو اليابانية، وبحضور عدد من مديري الجامعات السعودية.

كما شارك في المعرض عدد من مؤسسات التعليم العالي العالمية والمنظمات الدولية ذات العلاقة إلى جانب مشاركة الجامعات السعودية والمعاهد العليا وهيئات الجودة والقياس والتقويم والاعتماد الأكاديمي والتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد ومراكز الأبحاث والدراسات بلغت في جملتها 340 جامعة تمثل 30 دولة.

وبعد وقائع حفل الافتتاح تجوَل معالي الدكتور العنقري على أجنحة الجامعات والمؤسسات التعليمية المشاركة، وزار جناح جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية بصحبة عدد من مديري الجامعات حيث كان في استقبالهم معالي الدكتور بندر القناوي مدير الجامعة والمدير العام التنفيذي للشئون الصحية بالحرس الوطني الذي قدَّم لمعاليه ومرافقيه شرحًا عن إنشاءات المدن الجامعية ومشروعاتها بالمناطق الثلاث الوسطى والغربية والشرقية والمراحل التي وصلت إليها حتى الآن، وعن تطور مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية، ثم ألقى الضوء على الفرص المتاحة للتعليم بالجامعة وبرامج الدراسات العليا ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية ومركز الطب المبني على البراهين. صرح بذلك الدكتور محمد المعمري العميد المشارك للشؤون السريرية بكلية الطب وقال إن معالي الدكتور العنقري ومرافقيه اطَّلعوا على مقتنيات جناح الجامعة وشاهدوا عددًا من البرامج الأكاديمية والعلمية التي تقدمها فضلاً عن نشاطاتها وبرامجها البحثية.

وأضاف: لقد أثنى معالي الدكتور العنقرى على جهود الجامعة وأنشطتها وما حققته الجامعة من تطور وتقدم خلال مدة قصيرة من إنشائها، كما أشاد بالمعرض ومحتوياته من منشورات ومطويات ولوحات والبرامج والصور والكتيبات الخاصة بالكليات وبرامجها ومركز الأبحاث موضِّحًا أن فعاليات الجناح اشتملت على عروض لأفلام عن نشأة الجامعة وتطورها ورسالتها وقيمها وأهدافها. كما أعرب عن شكره للقائمين على معرض الجامعة متمنيًا لهم كل التوفيق في خدمة مؤسستهم الجامعية أكاديميًّا وعلميًّا وبحثيًّا باعتبارها من الجامعات حديثة النشأة.

وقد شارك طلاب الجامعة في الفعاليات المختلفة واستقبال الزوار وتقديم الشرح لهم حول الجامعة وأنشطتها مبينًا أن جناح الجامعة أُعِدَّ بواسطة شركة متخصصة في هذا المجال، وقد حظي بقبول وإعجاب الزوار حيث تولت المجموعة المشرفة عليه توزيع هدايا عليهم تحمل شعار الجامعة.

ومن الجدير بالذكر أن فعاليات البرنامج العلمي للمعرض تضمنت 18 جلسة تحدث فيها أكثر من 50 متخصصًا يمثلون جميع قارات العالم في ظل التنافس العالمي وتم مناقشة أهمية تطوير التعليم في الجامعات والارتقاء بمؤسساته التي تحمل مسؤولية إعداد الشباب للإبداع والابتكار والإسهام الفعال في دعم وقيادة مسيرة تنمية مجتمعاتهم ونهضتها.

السبت، 30 يناير 2010

خواطر أكاديمية: يوم المهنة الطبي ومستقبل الطلاب

خواطر أكاديمية

يوم المهنة الطبي ومستقبل الطلاب

فبراير 2010

د. محمد بن سعد المعمري

يوم المهنة مبادرة طلابية نشأت عام 2007، ثم نمت الفكرة وتطورت بعد أن رأت الجامعات السعودية وجاهتها واقتنعت بأهدافها، ثم تبنت تنظيمها بصفة دورية يشارك فيها طلبة وطالبات الطب وأطباء الامتياز الذين يمثلون مختلف مؤسسات التعليم العالي . وأخضع طلاب جامعة الملك عبدالعزيز بجدة فكرتهم إلى التطبيق بعد أن تبلورت واتضحت فوائدها وأهدافها، فتحولت الرؤية والتصور إلى واقع ظهر في يوم المهنة الطبي الأول عام 2007م.

وانتقلت الفعاليات في العام التالي 2008م إلى المنطقة الشرقية حيث استضافت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يوم المهنة الطبي الثاني، بينما تولى طلاب جامعة الملك سعود بالرياض تنظيم فعاليات اليوم الثالث خلال العام المنصرم 2009م

وها هي جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية تنظم أنشطة اليوم الرابع تجسيدًا لشعار "المستقبل بين الواقع والمأمول" وتأكيدًا لصبغتها التخصصية، بل ومن أكثر الجامعات المعنية باستثمار فعاليات اليوم من أجل تحقيق أكبر قدر من المنفعة والفائدة لطلاب التخصصات الصحية وأطباء الامتياز وحديثي التخرجن وقد انهمك طلابها في الإعداد لهذا اليوم منطلقين من المناهج الحديثة التى تطبقها جامعتهم وهم يسعون بجدية إلى تأكيد نهجهم في الممارسة من خلال شعار: "سلامة المريض تهمّنا"، وإلى تحقيق عدة أهداف قيمة تتلخص في الآتي:

· التوعية بالعديد من الأمور والقضايا التي تهمّهم من أجل تحقيقها وإنجازها خاصةً قبل التخرج.

· التجهيز والإعداد لدخول الاختبارات العالمية والمحلية والتي يجب اجتيازها قبل التخرج.

· تعزيز المهارات والقدرات اللازمة لتحقيق القبول في البرامج الطبية المرغوبة بعد سنة الامتياز.

· إعطاء فكرة عامة وشاملة عن جميع التخصصات الطبية المختلفة وشتى المجالات الصحية.

· تنمية المهارات الشخصية والمهنية عبر العديد من الفعاليات الفعالة.

كما يهدف شعار يوم المهنة الطبي الرابع إلى تهيئة بيئة مناسبة لطرح واقع الطلبة والطالبات في مجالات الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة بغرض إزالة أي لبس أو حيرة فيما يتعلق بتحديد الخيار الأفضل والمناسب لمستقبلهم، ومن ثم إنارة طريقهم نحو أهدافهم المهنية المرجوة

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن يوم المهنة الطبي الرابع لا يقتصر على تخصص الطب البشرى فقط، بل أُضاف له القائمون عليه مسارًا جديدًا يوافق ويلبي اهتمامات طلبة وطالبات وخريجى كليات طب الاسنان والصيدلة بغرض إطلاعهم أيضا على الفرص المتاحة في مجالى التدريب والتوظيف، وتنويرهم بما يتهيأ لهم من آفاق مستقبلية واسعة ورحبة، ولعل هذه الخطوة تشكل مقدمة إلى إدخال تخصصات صحية أخرى في فعاليات يوم المهنة مستقبلاُ.

وتستعرض أنشطة اليوم عدة موضوعات تتصف بأهمية كبيرة لطلبة وطالبات الطب وأطباء الامتياز والاطباء حديثى التخرج وكذلك طلبة وطالبات الصيدلة وطب الأسنان حيث، يطلعون من خلال البرنامج العلمي على فرص التدريب التي توفرها برامج الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، إضافة الى برامج الابتعاث بالجامعات السعودية وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، فضلاً عن الفرص الوظيفية بالقطاعين الحكومي والخاص. ويشارك في أنشطة هذا البرنامج خبراء من كندا وأمريكا وأوروبا وأستراليا لإلقاء الضوء على إمكانيات التدريب المتاحة خارج المملكة. كما سيلم الطلبة بوسائل وقنوات التواصل مع الجامعات ذات الخبرة العريقة ومراكز التدريب العديدة، والتعرف على أنظمتها وإجراءاتها التعليمية والتسجيلية والعلمية.

وتدور انشطة برنامج اليوم حول أربعة محاور هي: مهنة الطب والفرص المتاحة في المملكة العربية السعودية، فرص التدريب المتاحة في الخارج، تعزيز المهارات للحصول على فرص قبول أفضل، إستعراض بعض التخصصات الصحية.

السبت، 9 يناير 2010

خواطر أكاديمية: تكوين شخصية الطالب

خواطر أكاديمية

تكوين شخصية الطالب

يناير 2010

د. محمد بن سعد المعمري

لا تقتصر خطة أي صرح أكاديمي على تقديم برامج تعليمية متطورة عبر وسائل تقنية إبداعية في بيئة أكاديمية متميزة فقط، بل تُعوِّل كذلك على الاهتمام بالانشطة غير المنهجية ودعمها وتفعيلها، ويعد ذلك جزءًا من رسالة أي جامعة تستهدف الوصول إلى مخرجات تعليمية ذات جودة عالية، لذلك فإن من أهم طرق تحقيق هذه الرسالة؛ زيادة رصيد الطالب المعرفي وصقل مهاراته عبر فعاليات متعدِّدة خارج الفصول الدراسية. وبذلك تخرج العلاقة بين الطالب ومعلمه من الاطر التقليدية والأنشطة الصفية البحتة ـ التى كانت تعد من أٌسس تحصيله العلمي ـ إلى أفق أرحب من التفاعل والتواصل البناء، وبما يتوافق مع الهوية الوطنية والضوابط الاجتماعية والأهداف الإنسانية. ومن البدهي أن تساهم وسائل الاتصال الحديثة ـ مثل الإنترنت ووسائل الاعلام المختلفة ووسائط الاتصال المتقدمة ـ في توسيع قاعدة الأنشطة غير الصفية والتوعية لتنتفع بها شريحة كبيرة من المجتمع، وفي توعية الطالب بأهمية استثمار وقته والاستفادة منه لتنشيط قدراته الذهنية وطاقاته الجسمية. وتهيئ ممارسة هذه الانشطة للطالب فرصة تحقيق ذاته عبر اختيار النشاط الذي يتوافق مع ميوله، ويصوغ من خلاله تصوراته المستقبلية. وهو بذلك يُنمِّي إحساسه بالمسؤولية، فمتى ما حظي بحرية الاختيار؛ فإنه سيتفانى في إثبات وجوده وقدراته، فهذا النوع من النشاط يُخرجه من من لُجَّة تركيزه على تخصصه إلى الاهتمام أكثر ببناء مهاراته بتزكية روح العمل الجماعي في داخله ومن ثم الانخراط في مشاركة فاعلة مع فريق يضم أشخاصًا يمثلون مجالات مختلفة، وبهذا يكتسب قدرة على التعاون والتكُّيف مع الأخر مما يحقق تكامله واتزانه نفسيًّا وذهنيًّا واجتماعيًّا. وتنشط لديه أيضًا مهارات التواصل والحوار مع بيئة تختلف كلية عن بيئته الجامعية والمنزلية. وهي تقوده إلى رؤية نتيجة مخرجات عمله، ويستمتع كثيرًا بالإشادة عندما تأتيه من مصادر مختلفة ومستويات متعددة. وتُنير كذلك طريق حياته المستقبلية بما يدفع بيئته المحيطة إلى تشكيل إنطباع ايجابي عنه. وتبرز أهمية الانشطة غير المنهجية بشكل أكبر في التخصصات الصحية التى يتزايد اعتمادها على روح العمل الجماعي والتواصل والتفاني ونكران الذات بسبب طبيعتها التى تتعامل مع المريض. كما تتراكم لديه مهارات عديدة تشكل النواة أو اللبنات المكونه لشخصيته كعضو فاعل في مجتمعه ونافع لوطنه.

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: جامعة بلا ورق


خواطر أكاديمية

جامعة بلا ورق


ديسمبر 2009



د. محمد بن سعد المعمري


تواجه عملية الانتقال من الطرق التقليدية إلى الطرق الإبداعية الحديثة في العادة عدة عقبات؛ فعلى مدى سنوات طويلة استحكم التعامل بالورق في المعاملات الديوانية والمكتبية وأصبح روتينًا راسخًا لا يمكن الحياد عنه، أما ألان فقد انتقل الورق إلى الهامش، وأضحت عملية الاستغناء عنه في المجالين الاكاديمي والبحثي واقعًا لا يمكن تجاهله، فنحن نعايش الآن خطوات منتظمة ومتسارعة لتحويل المناهج الأكاديمية إلى إلكترونية محملة على الشبكة العنكبوتية أو على بعض الوسائط الحديثة، ويبدو ذلك واضحًا في الاستخدام المتزايد للتواصل الإلكتروني وما يحظى به من قبول ملحوظ في أوساط المتعاملين. ونتمنى أن يعمَّ الاستخدام الإلكتروني العمليات الإدارية كافة. ولا شك أن الجهود المبذولة الآن لا تزال محدودة ولم تتطور إلى استراتيجية يتبناها الجميع مدعومة بنظم إدارة حديثة تتطوع لتوافق متطلبات الجامعة. فتصوير التعاميم والمشاريع والتعيينات والترقيات والنشر مع تصنيفها وتوزيعها وتجليدها تستهلك كميات كبيرة من الورق وأسطوانات الحبر، وتهدر وقتًا ثمينًا للعاملين في إعدادها، فضلاً عن تأخر وصولها إلى المعنين عبر البريد التقليدي، إضافة إلى إجراءات استقبالها وفرزها وحفظها والرد عليها. فتلك تكلفة مالية عالية جدًّا؛ خاصة إذا أضفنا لها قيمة المهدر من الأوقات. وفي المقابل لا يمكننا إغفال سرعة إنجاز العمليات الادارية والاكاديمية عند مكننتها أليا وانعكاسها على مدى رضى أصحاب المصلحة من طلاب وأعضاء هيئة تدريس والعاملين كافة. وللأسف لا توجد لدينا إحصائيات دقيقة عن كمية الورق المستخدم وحجم التكلفة المصاحبة لكل ورقة!! لكن إحدى جامعاتنا السعودية قدَّرت أن كمية الأوراق المستخدمة لمجلسها العلمي تبلغ عشرين ألف ورقة أسبوعيًّا. ولذا فإن عملية الانتقال إلى آليات العمل دون ورق تتطلب جهدًا مؤسسيًّا وقرارًا استراتيجيًّا لحصر كل العمليات الأكاديمية والإدارية وتوفير الإمكانات البشرية والإدارية التى تُحيل تلك العمليات إلى تعاملات آليه بحتة. وبالطبع فإن عملية التغيير لن تكون سهلة أيضًا على مستوى مستهلك تلك الخدمات؛ خاصة إذا كان تقليديًّا لا يؤمن إلا بالتعامل الورقى ويستصعب التعامل مع التقنية. عليه تلزمنا تهيئة وتعزيز مهارات التعامل الإلكتروني وتوفير النهايات الطرفية التى تُمكِّن الجميع من الوصول إلى تلك الانظمة، كما أن إتاحة الوصول إليها خارج جدران الجامعة؛ ترفع قدرة التواصل بين كافة أصحاب المصلحة. وقد بيَّنت تجربة العديد من القطاعات تحسُّن عامل الرضى لدى المستهلكين بشكل كبير عند مكننة العمليات بنظم سهلة التطبيق.. ونتطلع مع اقتراب تسلُّم مشاريع المدن الجامعية الجديدة وما تحويه من تقنيات ذكية، إلى إطلاق شعار: "جامعة بلا ورق".

الجمعة، 20 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية : المنهج ... كائن حي

خواطر أكاديمية

المنهج ... كائن حي

نوفمبر 2009

د. محمد بن سعد المعمري

تعد إدارة المناهج وتطويرها من التحديات الكبيرة للعملية الأكاديمية، فنتيجة للتقدم الكبير والتوسع السريع في المعرفة بشكل عام ومجالات البحث العلمي بشكل خاص، أصبحت عملية تطوير المناهج وادارتها عاملا مهما في استمرارية نجاح أي منشـأة أكاديمية وقدرتها على التميز والابداع والمشاركة الفاعلة في المجتمع. ويزداد التحدى في المجال الصحي لتسارع المتغيرات وارتباطها بنظام صحي يزداد تعقيدا وتطورا. فمهما بلغ تأهيل عضو هيئة التدريس ومهما بلغت البنى التحتية، فإنها لا تؤدى الى تعليم كفائته عالية النوعية من مضمون وطرق ووسائل بدون تحديد الثابت والمتغير في المناهج. فعندما تطغى الثوابت على المتغيرات، يكون المنهج جامدا ويفقد تدريجيا موائمته لاحتياجات المجتمع وجودة المخرجات التعليمية. والعكس صحيح عند تطغى المتغيرات، يفقد المنهج ثباته واستقراره وتناسق أداء أعضاء هيئة التدريس معه وعدم مواكبة وسائل التعليم له. فالثابت مثلا يشمل وجود الاهداف التعليمية والمحتوى المعرفى والمهارات الاساسية، وتنظيم المقرارت الاكاديمية، وتطبيق طرق تعليم حديثة، واستخدام الوسائل التعليمية الاليكترونية المتطورة، وتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس، وتطبيق طرق تقييم وتغذية راجعة مناسبة. أما المتغيرات فتشمل المراجعة الدورية المستمرة لمحتوى الثوابت المذكورة آنفا، والتأكد على موائمتها وتطويرها، كما تشمل أيضا المراجعة المرحلية بناء على ما ينتج من مراجعة دورية وما يستجد من معارف ومهارات وتقنيات. أما الجانب الأخر فهو إنغماس القائمين على العملية التعليمة بجوانب ادارة المنهج وتشغيله والتعامل مع المشاكل اليومية من نقص في أعضاء هيئة التدريس وتضارب المواد وتجهيز الامتحانات، ويكون ذلك على حساب تطوير المناهج واحداث التغيرات الضرورية والاساسية في الأهداف التعليمية وطرق التعليم والوسائل المطبقة وطرق التقويم. وينتج عن التركيز الكبيرعلى ادارة المنهج وتشغيله جمودا تدريجيا حتى يصبح للمناهج قدسية تؤدى مع مرور الوقت إلى مقاومة أي تغيير أو تطوير. إن العملية المنظمة لتطوير ومراجعة المناهج تؤدى إلى تحفيز القائمين عليها بعمل مراجعات دورية والنظر في توافق مخرجاتها التعليمية مع حاجة المجتمع وسوق العمل، لذا فالمنهج يتفاعل ككائن حي يتأثربالمدخلات وتؤثر عليه المخرجات ويتجاوب سلبا أو ايجابا مع العوامل المحيطة به من اعضاء هيئة تدريس ونوعية الطلاب والطرق والوسائل التعليمية والبيئة الاكاديمية بحيث يستمر في النمو في مراحل متعاقبة ليحقق أهدفه المرجوة.

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: جامعة المستقبل في يوم الوطن


خواطر أكاديمية


جامعة المستقبل في يوم الوطن


أكتوبر 2009



د. محمد بن سعد المعمري


يحمل لنا بداية العام الأكاديمي 2009/2010 عدة مناسبات كل منها يستحق أن يفُرد له موضوع مستقل. في البدء نرحب بطالبتنا وطلابنا في بداية العام الجديد، نرحب بالمستجدين منهم في كافة الكليات، كما نرحب أيضا الى من أنضموا الينا في برامج الدراسات العليا المختلفة. وإزدانت إحتفالية العام الأكاديمي الجديد بثلاث مناسبات أخرى عزيزة علينا في الاسبوع الماضي، عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم باليمن والمسرات، وافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في يوم الوطن. فاليوم الوطنى ذكرى عزيزة على قلوبنا تحمل عبق التاريخ على مدى ثلاثة ارباع القرن، ملحمة قل أن يجود التاريخ بمثلها انطلقت قبل أكثر من قرن ليعيد المؤسس توحيد أرجاء الوطن في نسيج متناسق متكامل وكيان فرض مكانته عاليا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. جاء المؤسس برؤية انبثقت من عزيمة صادقة قوية تُبشر ببزوغ فجر جديد يلُم أرجاء الوطن في مشروع عالمي له اولوياته ومصالحه وصداقاته.


وكما استشرف الملك عبدالعزيز هذا الكيان، يأتى الملك عبدالله ليضع تحديات المستقبل امامه ويختار التعليم كأحد أهم الخيارات الاستراتيجية في أجندته لاختصار الزمن معززاَ تكامل مشروعنا الحضاري اقتصاديا واجتماعيا وتربويأ، مشروع ينقل الوطن من متلقى للمعرفة إلى صناعة المعرفة والمشاركة الفاعلة فيها. كما يدشن في هذا اليوم جامعة العلوم والتقنية على الساحل الغربي، جامعة تسعى لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين التى روادته بأن تكون صرحاً عالمياً للابحاث تستقبل طلاب الدراسات العليا المتميزين والمبدعين والموهوبين من مختلف انحاء العالم، ومبشرة بإنطلاقة عصر جديد من الانجاز العلمي في المملكة. فجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، جامعة متخصصة أخرى مثل جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، جامعتان شيدتا في مرحلة جديدة قفز فيها عدد الجامعات من سبع الى ما يزيد على ثلاثين جامعة تضم ما يقارب مليون طالب، بحيث شهدنا في الفترة الماضية جامعة كل ثلاثة أشهر، وخمس كليات كل شهر، وثمانمائة مبتعث كل شهر. فهذه المشاريع الاكاديمية العملاقة سنشهد مخرجاتها خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة وأنها تحمل رسالة هامة تسعى الى سد حاجة سوق العمل ودعم العمل البحثى وتعزيز مكانة المملكة العلمية عالميا.

خواطر أكاديمية: من أين يبداء التغيير؟

خواطر أكاديمية

من أين يبداء التغيير؟

يوليو 2009

د. محمد بن سعد المعمري

يشغل التغيير حيزا كبيرا من الاهتمام لتطوير بيئة العمل، وهذا التغيير لا يكون من أجل التغيير فقط، بل لا بد ان يكون له أهدافا محددة وواضحة. والبيئة الاكاديمية ليست بمعزل عن ذلك بل هناك متغيرات كبيرة تظهرها البراهين العلمية المتجددة التى تفرض التفاعل معها لكي لا تتحول تلك المتغيرات الى ثوابت بفعل الزمن. فالعملية الأكاديمية مثلا لا بد ان تعامل بحيوية وتكون قابلة للتجديد والمراجعة مع مرونتها لأي تغيرات ابداعية. ومما يؤسف له، الجمود الذى أصبح صفة تلازم بعض البيئات الاكاديمية وركونها الى الراحة بتكرار اعادة محتواها ومناهجها بدون أجراء أي مراجعات. أن تغيير البيئات الاكاديمية يبداء بالوصول الى القناعة بأن يكون هناك حاجة ماسة لذلك. وتنبع تلك الحاجة من عوامل داخلية أو خارجية، فالعوامل الداخلية تأتى من قناعة بعض أعضاء هيئة التدريس أو من في حكمهم بإبداء الرغبة لذلك مبنية على التطورات المتتالية في مجال عملهم وأهمية ان يواكبوها لكي لا يتخلفوا عن الركب. وربما أتى التغيير من دافع مؤسسي للتجديد والتطوير ومواكبة الابداع العلمي بفرض أجندة جريئة للخروج من البوتقة التقليدية الى رحاب أوسع وخيارات أفضل. وقد يكون المحرك للتغير نابع من عوامل خارجية مثل تأثر المخرجات التعليمية وعدم مواكبتها لاحتياجات سوق العمل، أو ظهور منافسين جدد يقدمون حلولا أفضل ووسائل تعليمية وتقنية أجود تغرى المتقدمين على التنافس للانضمام الى ركب المطوريين وترك التقليدين يعيشون واقعهم بمنظور الماضى. إن محرك التغيير هو الوصول الى القناعة به كخطوة أولى، وأن تعمم مبادئه وأسسه على قطاع أكبر من المعنيين. فمن عايش عملية التغيير يعرف صعوبة توليد هذه القناعة والأصعب منها تهيئة البيئة المحيطة بالخروج من الروتين المعتاد والنظام الرتيب الى الاستثمار في بناء منهج أكاديمي أو نظام أكاديمي يضمن أستمرارية تفوق المؤسسة التعليمية واستمراريتها. فهناك أمثلة لمؤسسات عريقه لم تعايش عصرها وتغيراته وأستمرت تنظر الى محيطها من أبراج عاجية حتى أهتزت وتأثرت بفعل قوى التحديث المدعومة ببراهين علمية وتوجهات حديثة تواكب متطلبات العصر. إن من المتوقع أن يواجه التغيير الاكاديمي مقاومة وتشكيك بعدم نجاحه، لذلك لا بد ان يكون من خلال خطة عملية متدرجة مع دعم من القيادات الاكاديمية لسياسة التغيير من خلال تبنيها رؤى وقيم واستراتيجات حديثة وجديدة تضمن استمرارية نجاح ونمو المؤسسة التعليمية.

خواطر أكاديمية: البعد الأكاديمي ... والتمييز في المجال الصحي

البعد الأكاديمي ... والتمييز في المجال الصحي

د. محمد بن سعد المعمري

يعد الوصول إلى التمييز في المجال الصحي أحد التحديات الكبيرة التى تواجه أي قطاع. فلا يكفى أن تكون هناك منشأت ضخمة وأجهزة متقدمة إذا لم يكن هناك تنمية شاملة للقطاع ليتماشى مع تلك الانجازات المادية. وبطبيعة الحال أن يسعى أي قطاع إلى تطبيق معايير مهنية عالية وعملية تطوير شاملة للوصول إلى التمييز، لكن عند عمل مسح سريع لأفضل القطاعات الصحية عالميا، نجد أن هذا التمييز أتى من قوة القطاع الاكاديمية والبحثية، فمنشأت متقدمة مثل مايو أو كيفلاند كلينك عرفت بتميزها البحثي وقوة مخرجاتها التعليمية، مما ساهم في جذب أفضل الخبرات لديها مساهمة في رفع أسهمها عاليا في مجال الخدمة الصحية. وتعتبر تهيئة البيئة الاكاديمية والبحثية من العوامل الهامة لأي قطاع يسعى الى التقدم والوصول الى العالمية، و ألية إعاد التأهيل عملية معقدة ومركبة وشاملة في نفس الوقت. وأبعاد تلك العملية وطبقاتها متعددة بحيث تشمل جوانب الدعم القيادي، وتطويع الانظمة، وتسهيل تطبيقها، مع تعزيز مهارات الفرد العامل بمختلف الدرجات. ويتمثل الدعم القيادي في مراجعة رسالة ورؤية القطاع ليكون البعد الاكاديمي والبحثي عنصرا رئيسا فيهما لما يمثله ذلك من دعم كبير له لتطوير نفسه وشحذ همم العاملين فيه ليقدموا خدمات صحية مبينة على أفضل البراهين وأحدث التطورات مدعومة بالتوجة العلمي المبدع ترجمة لرؤية القيادة. وبطبيعة الحال أن الاتجاة بهذا المنحى يتطلب توافر الدعم الشامل لنجاح تلك الرؤية عبر تسخير أفضل الامكانات. فبدون هذا الدعم القوي لن تؤتى جهود العالمين النتائج المرجوة، وبذلك تسهل عملية تطويع الانظمة نتيجة لهذا الدعم لتقبل مزج الابعاد الاكاديمية والبحثية فيها، بحيث تتحول إلى قيم أساسية للقطاع وبالتالى إلى أهداف استراتيجية. ولأن أي عملية تطوير شاملة لا يمكن أن تتم بدون الفرد، فلا بد أن يكون دعمه عنصرا أساسيا عبر تعزيز مهارته وتطوير قدراته من خلال فعاليات علمية متعددة ومحفزات مجزية ليضيفوا زخما اضافيا للوصول الى الاهداف الاستراتيجة وبالتالى تحقيق رؤية القطاع. إن مثل هذا التوجه لا يمكن أن يتم عبر التنظير بل يتطلب جهدا مضاعفا على مختلف المستويات مع ما يصاحبه من تحديات وعوائق تذلل عبر الجهد المخلص وتحديد مكامن القوة التى تسهل التغلب على أي مصاعب، وتعد المراجعة الشاملة والدورية للقيم والاهداف اساسا هاما للنجاح والتميز.

خواطر أكاديمية: الاعتماد الأكاديمي والمخرجات التعليمية

الاعتماد الأكاديمي والمخرجات التعليمية

د. محمد بن سعد المعمري

أبريل 2009

إن الدعم الكبير الذي يلقاه التعليم العالي عامة والصحي خاصة سيؤدى إلى إستيعاب المزيد من أعداد الخريجين والخريجات نتيجة ارتفاع النمو السكاني وتؤدي إلى سد احتياجات الوطن في العديد من مجالات القطاع الصحي. فعدد كليات الطب القائمة أو المصرح لها بلغ سبعة وعشرون كلية في مختلف المناطق، منها عشر كليات قامت بتخريج أطباء حتى نهاية العام الأكاديمي 2007/2008 م. ومع توقع قيام المزيد من الكليات بتخريج دفعات جديدة أو قبول طلاب لأول مرة، يبرز على السطح قضية هامة ألا وهي نوعية المخرجات التعليمية، ومدى توافر الكفاءات الأكاديمية التى ستثرى العملية التعليمية، وقدرة الكليات الجديدة أو القائمة على أيجاد أو تأهيل أماكن تدريب تنمى القدرات المهنية والسريرية لطلابها. ويواجه التعليم الطبي أيضا معضلة تعدد طرق التعليم من تعليم تقليدى إلى تعليم مبنى على حل المشكلات وتعليم هجين بينهما، كما يحتل اختيار المناهج من جامعات قائمة مشهود لها بالكفاءة أو بناء مناهج جديدة بخبرات محلية أو عالمية نطاقا واسعا من نقاش القائمين على التعليم الطبي. جميع هذه المعطيات فرضت واقعا جديدا لا بد من التعامل معه عبر تكوين هيئة وطنية للقياس والاعتماد الأكاديمي قامت بتدشين فعاليتها بعمل العديد من ورش العمل والفعاليات العلمية لتعزيز مستوى الوعي لدى القائمين على التعليم العالي، وبناء أنظمة وادارات داخلية تهتم بالجودة وتحسين مستوياتها، لكى تبداء عملية التقويم والاعتماد الذاتي المبدئي، ومن ثم التقويم الشامل. إن عملية الاعتماد الأكاديمي تعد حجر الأساس للتأكد من أن جميع الكليات الجديدة تبنى أنظمتها عبر المعايير المعتمدة والمبنية على معايير دولية معترف بها، وتساعد الكليات القائمة على أن تكون متوافقة معها. ومن المأمول أن تسهم هذه العملية في فرز نوعي لكافة الكليات ومدى اتفاقها لكي تبرز وبشفافية مدى تقيد القطاعات الاكاديمية، وكذلك تضع خطوطا حمراء لأى منشأة لا تطبق تلك المعايير وتكشف المكامن التى ينبغى تحسينها بما ينعكس ايجابا على مخرجات تعليمية متميزة. وتكتسب عملية الاعتماد الأكاديمي أهمية كبيرة متى ما كان هناك توسع سريع في التعليم العالي بحيث تحدد خارطة الطريق لأي منشأة لكى تعمل على أن تكون العملية الاكاديمية والمخرجات التعليمية ذات مستوى مقبول ويسد العجز عبر تخريج طلاب متسلحين بسلاح المعرفة والخبرة والمهارات والسلوكيات الضروية للتعامل مع مجالات تخصصهم.

الأحد، 8 نوفمبر 2009

خواطر أكاديمية: المهنية في المناهج الطبية

خواطر أكاديمية

المهنية في المناهج الطبية

د. محمد بن سعد المعمري

إستمرت المناهج في الكليات الصحية لعقود من الزمن في تقديم المادة العلمية البحتة على هيئة محاضرات ودروس عملية وتطبيق مباشر على المرضى. وقد كان هذا التوجة مقبولا قبل ان تتقدم الرعاية الصحية بالعديد من الاكتشافات الحديثة ويزداد الوعي الصحي لدى المرضى. وحتمت تلك التغيرات أن يضيف القائمون على تلك المناهج أبعادا أخرى أعمق وأشمل بإضافة المحاور التى تعزز من مفهوم المهنية في مجال العمل وتسعى إلى إدخالها في السنين الأولى من العملية التعليمية. ويتم الحرص على يتم التعامل مع المريض تحت اشراف عضو من أعضاء هيئة التدريس يكون نموذجا يحتذى به في كيفية التواصل مع المريض وأعضاء الفريق الطبي، وكذلك يقدم له النصح والأرشاد عبر التغذية الراجعة. كما يضاف إلى المنهج أهدافا تعليمية متعددة لزيدة المحتوى التعليمي عن العديد من الجوانب مثل معرفة جوانب الجودة في المستشفيات، وأنظمة المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، والقيادة والريادة. و يتم التركيز على تنمية مفهوم العمل الجماعي والتعامل مع اعضاء الفريق الطبي بمختلف أعضائة ومستوياتهم. وتوجد مدارس مختلفة لتعزيز المهنية في العمل مثل المعايير الكندية، والأطر الاسترالية، والبرامج البريطانية، والمقاييس الأمريكية. وتهدف تلك البرامج المختلفة الى الوصول الى تقديم الرعاية الأمنة للمريض بدون تعريضة لاي مضاعفات جانبية أو أخطاء طبية. فعندما يتخرج طالب الطب يكون ملما بالأساست المهنية للمهنة. وتسعى المحاور التى تهتم بالمهنية أيضا إلى توسيع أفق طبيب المستقبل الى الخيارات المستقبلية وكيفية اختيار التخصص وبرامج التدريب والمتطلبات المختلفة. فيساعده على التحضير الجيد والاستعداد المبكر لحياته المهنية المستقبلية. ولم تقتصر المهنية على الطلاب فقط، بل أدخلت في مراحل التدريب في برامج الدراسات العليا المختلفة. وينتج عن تطبيق تلك المواضيع أن يتهيء الطالب على تحمل المسؤولية في بداية مشواره الطويل، ويكون ذلك عبر منهجية واضحة. وطالب الطب اليوم يطالب بما هو أكثر من القراءة والحفظ والنجاح في الامتحانات إلى النظرة الشمولية للرعاية الطبية والصحية المقدمة ضمن فريق عمل متجانس. إن مناهج كلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية تحتوى على تلك المحاور التى تركز على تنمية وتعزيز المهنية وتطوير الذات مع الاهتمام بأن يقدم الطالب الادلة والبراهين على أدائه. فالنتيجة المتواخاة ستكون بحول الله ايجابية على النظام الصحي ككل وتسهم في رعاية طبية أمنة للمرضى.

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

خواطر أكاديمية : العولمة الأكاديمية

العولمة الأكاديمية

د. محمد بن سعد المعمري

شكَّل سعي العديد من الجامعات والمراكز العالمية للخروج من النطاق المحلي والانطلاق في الآفاق الدولية؛ منهجًا حميدًا ساعد على نشر الخبرات الأكاديمية والعلمية خلال العقود القليلة الماضية، فنشأت بموجبه شراكات وقنوات للتواصل فيما بينها؛ بل ومن نتائجه المباشرة علاقات التوأمة مع جامعات ناشئة تحث الخطا لترتفع عتبات في سلم العلوم والمعارف. ولا شك أن تجارب كندا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تعدُّ رائدة في مجال التعاون الأكاديمي والعلمي، فقد تيسَّر لها تسويق ما تراكم لديها من خبرات، فضلاًُ عن فتح أبواب كلياتها ومستشفياتها ومراكز أبحاثها لكافة الطلاب والمتدربين القادمين من مختلف إنحاء العالم. وساعدها ذلك على أن تحوز قصب السبق في العولمة الأكاديمية، وتأكيدًا لهذا القول؛ فإن من النادر أن تجد بلدًا لم ينتفع بعض أبنائه بخبرات تلك الدول وعلومها، ووطننا أنموذج ماثل أمامنا على ذلك. وعلى الرغم من حداثة نشأة جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية؛ إلا أنها لم تتأثر بأي عقبات مصاحبة للبدايات، ولذلك فقد وضعت نصب عينيها تحقيق أقصى قدر من الاستنارة بالتجارب العالمية في المجال البحثي والأكاديمي والإفادة منها، ولتحقيق ذلك ابتعثت المئات من منسوبيها إلى أفضل الجامعات وأعرقها وأشهرها، وسعت إلى تكثيف الدورات والمؤتمرات التي تُعزِّز من قدرات وخبرات الكفاءات الوطنية العاملة لديها، وحرصت في الوقت نفسه على تطبيق مناهج حديثة مستوحاة من تجارب أثبتت نجاحها في جامعات عالمية متميزة ومرموقة. وتوَّجت الجامعة جهودها في هذا المنحى بإنشاء مجلس استشاري عالمي يضم نخبة من علماء وأكاديميين من ذوي الشهرة العلمية الواسعة؛ ليتولى تقديم الخبرة والمشورة التي تضمن المحافظة على المعايير المطبقة في المنظومة الصحية للحرس الوطني وترقيتها. ومن البدهي أن الخروج عن نطاق المحلية إلى مجال أرحب وأوسع سيساهم في تحقيق رسالة هذه المنظومة بتقديم أعلى مستويات الرعاية الصحية، وتوفير التعليم الجامعي الصحي، إضافة إلى تبني وإجراء الأبحاث الصحية والمشاركة في الصناعة الصحية والإسهام في برامج المجتمع بما يؤدي إلى تكاملها وريادتها وتميزها عالميًّا,

خواطر أكاديمية : سلامة المريض في المناهج الطبية

سلامة المريض في المناهج الطبية
د. محمد بن سعد المعمري


يعدُّ الاهتمام بسلامة المريض من الأهداف الرئيسة للقائمين على العملية التعليمية، لأن المناهج الطبية تجاوزت مراحل التدريس المباشر للامراض إلى النظرة الشمولية للرعاية الطبية، فطالب الطب اليوم يتخرج في كليته وهو مزود بمهارات عديدة تؤهل إلى أن يكون طبيبا ملماً بكل ما يساعده التعامل مع المستجدات في مجال المهنة. لذلك حرصت كلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية إلى مزج المحاور التي تهم بسلامة المريض بمناهجها الحديثة، فهذه المناهج تحوي محاور تطوير المهارات الطبية للطالب التى تتطبق منذ بداية الدراسة بالكلية. فطرق التعليم المبنية على حل المشكلات تتيح للطالب مجالا رحبا للنظر في كافة نواحي الرعاية المقدمة للمريض بحيث تتيح له الاطلاع والتعامل مع برامج عديدة مثل برامج الوقاية المختلفة وتثقيف المريض ومعايير الجودة والاطلاع على الانظمة الصحية وطرق البحث. وسعيًا لمزيد من التطوير لتلك المناهج؛ شاركت كلية الطب مع منظمة الصحة العالمية في إعداد ومراجعة دليل شامل لكيفية تطبيق محاور سلامة المريض في مناهج الكلية، وسيُطبَّق هذا الدليل في كليات الطب على مستوى العالم. وتأتي هذه المشاركة نظرًا للمستوى الأكاديمي العالي الذي وصلت إليه هذه الكلية. ويحتوي منهج سلامة المريض على مواضيع عدَّة تُعزِّز من مفهومها، وكيفية تطبيق النظم لتجنُّب الأخطاء الفردية، وكيفية العمل مع الفريق لتقديم رعاية شاملة ومتعدِّدة للمريض، مع كيفية التعامل مع الأخطار التي ربما تواجهه. إن هذا الاهتمام يأتى امتدادا لما تقدِّمه المنظومة الصحية للحرس الوطني من برامج متعددة ومختلفة تستهدف تحقيق رعاية آمنة للمريض بتطبيقها لأعلى المعايير العالمية. فزرع بذرة مفاهيم سلامة المريض في بداية الحياة العملية لأي طبيب؛ يؤهله إلى تقديم رعاية طبية آمنة أثناء ممارسته العملية، وهذا بدوره يساهم في تقليل الأخطاء الطبية.

الأحد، 27 سبتمبر 2009

الحوار الوطني: د. المعمري: الاهتمام بسلامة المريض هو الأساس الذي يبنى عليه أي نظام صحي

أكد على أن سلامة المريض وتجنب الخطأ الطبي بدايتهما من مقاعد الكلية:

د. المعمري: الاهتمام بسلامة المريض هو الأساس الذي يبنى عليه أي نظام صحي
يعتبر موضوع الأخطاء الطبية وما يتعلق به من سلامة المرضى وسلامة الممارسة الصحية أحد المواضيع الرئيسة التي لاحظنا تكرار الحديث عنها بجميع حوارات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني المتعلقة بالخدمات الصحية، حيث كانت مداخلات ممثلي المجتمع تكرر الشكوى والتذمر من الأخطاء الطبية المطالبة بإيجاد حلول مناسبة للتغلب على هذه الظاهرة قبل حدوثها وسن قوانين رادعة لمعاقبة المتسبب فيها، كما جاءت ردود مسؤولي القطاعات الصحية معترفة بوجود الظاهرة واعدة، كما هو المعتاد، بتقليصها والتعامل مع مسببيها بحزم وقوة. الخطأ الطبي قد يحدث في الممارسة الصحية في مجال الإجراء التشخيصي والعلاجي، الدواء، السجلات والتوثيق الطبي، حوادث المرضى، الوصول للخدمات الصحية والتنويم والتحويل والخروج للمريض، حوادث العدوى، الحوادث الناتجة عن الأجهزة والأدوات الطبية، وغير ذلك من الحوادث، التي لها علاقة بسلامة المرضى. لذلك تبدأ نقطة المعالجة لهذه الظاهرة من تعليم الأطباء والممارسين الصحيين منذ بداية تعليمهم وتدريبهم على الوعي بمفهوم سلامة المرضى والتدرب على التعامل مع كافة الجوانب ذات العلاقة بسلامة المرضى...
في حوارنا هذا الأسبوع شاركنا الدكتور محمد بن سعد المعمري، العميد المشارك بكلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، ومستشار الاتحاد العالمي لسلامة المرضى الذي أشار إلى أن الارتقاء بنوعية الخدمات الصحية الموجهة للمرضى لم يعد في أعلى سلم اهتمامات القيادات الصحية فقط، بل أصبح الاهتمام بسلامة المريض هو الاساس الذي يبنى عليه أي نظام صحي، ومن أهم مخرجاته التي وضع لها معايير عديدة لتحدد مدى ملائمته وموائمته ومدى الرضى عنه، وقال ان النموذج الكندي لمعايير أداء الطبيب التي لا تقاس بمعرفته فقط بل تشمل ستة محاور رئيسة وهي أن يكون الطبيب مهنياً في التعامل، وباحثاً عارفاً بمهنته، وداعماً للصحة، ويجيد التواصل، ومتعاون، وقيادي. فهذه المحاور أصبحت أسس تهيئة واعداد الطبيب بدلاً من التركيز على حشوه بالمعلومات فقط ليتخرج في كليته مليئاً بالمحتوى العلمي لكن خاوياً من النواحي الانسانية والمهنية. هذا النموذج أثبت نجاحه ويتم اقتباسه في برامج مماثلة له في أمريكا وبريطانيا وإستراليا. وهناك توجه كبير على مستوى المملكة لتبني النموذج الكندي في برامج التدريب السعودية للاطباء لكي يكون التدريب مبنياً على أسس مهنية وعلمية ويهدف إلى تقديم رعاية صحية وآمنة.
واضاف إن نجاح هذه التجربة على مستوى برامج تدريب الاطباء أدى إلى المبادرة بتكوين برامج جديدة تهدف إلى تعزيز مبادئ سلامة المريض مبكراً خلال مراحل الدراسة الجامعية ليكون طبيب المستقبل على دراية واطلاع بما هو متوقع لتقديم رعاية صحية آمنة ويكون المريض محور وأساس اهتمامه، مع التركيز على أهمية التفاعل مع عائلة المريض كشريك فاعل في الخدمات الصحية المقدمة للمريض، وساعد على هذا التوجه طرق التعليم الحديثة التي تبتعد عن التلقين لتشهد تحولاً جذرياً بأن يكون الطالب عنصراً نشطاً وفعالاً في تلك العملية عبر خلق تفاعل بناء بينه وبين المريض باكراً في حياته العملية.
وعن مشاركة د. المعمري كمستشار مع فريق عمل الاتحاد العالمي لسلامة المرضى التابع لمنظمة الصحة العالمية الذي قام باعداد منهج سلامة المرضى لكليات الطب، أشار في حديثه بأن الاهتمام بسلامة المرضى في المناهج الطبية بدأ بمحاولات فردية وجهود متفرقة في شمال أمريكا وأستراليا مما دعا منظمة الصحة العالمية إلى تبني هذا البرنامج الطموح، وكان النموذج الاسترالي من جامعة سيدني أفضل النماذج المتاحة ليكون اساساً يتم الانطلاق منه لتطوير الفكرة ومراجعتها وعمل الاضافات اللازمة لها. وكان فريق العمل مكوناً من عدد من الجامعات من مختلف مناطق العالم ومنها جامعات عريقة مثل جامعة تورنتو في كندا، وجامعتي سيدني وموناش بأستراليا، وجامعة أبريدن ببريطانيا، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية ممثلة للمنطقة العربية بأكملها، وكنت ممثلها بتكليف من مدير الجامعة. وتم الاتفاق بين فريق العمل ان يتم صياغة منهج سلامة المريض لكليات الطب بأسلوب سلس مع قابليته للتطبيق في مختلف البيئات، وعدم المساس بأي قيم اجتماعية أو دينية، واتيحت في هذا البرنامج وسائل عديدة لدمجه مع المناهج سواء كانت تقليدية أو حديثة. وكان هذا المنهج المتطور والإبداعي موجهاً لكافة كليات الطب في جميع أنحاء العالم لكي يتم تعزيز الأجواء والأوضاع المرتبطة بسلامة المريض على المستوى العالمي بهدف إعداد جيل من أطباء المستقبل ذوي أداء مهني مميز أثناء الممارسة العملية. وبادرت ثلاث جامعات بأن تكون أول من يطبق هذا البرنامج.
وعن محتوى البرنامج، أستعرض د. المعمري المواضيع الأحد عشرة التي أختيرت بعناية مع وضع أهدافها ومخرجاتها التعليمية، وطرق تدريسها، وتقديمها وهي مدخل عن سلامة المريض: يكرس هذا الموضوع أهمية الحاجة إلى مهنيين في المجال الصحي قادرين على تجسيد وتأكيد مبادئ ومفاهيم سلامة المرضى خلال الممارسة اليومية، لأنه من المهم ضمان وجود رعاية صحية آمنة عبر تصميم وإعداد أنظمة تسهل تقديم معلومات متكاملة ودقيقة يستوعبها جميع المهنيين العاملين في المجال الصحي.
والعوامل البشرية وأهميتها لسلامة المريض: وهذا يساعد الطلاب على فهم كيفية أساليب تعامل الناس مع بعضهم في ظل ظروف مختلفة ومتباينة، ومن ثم يمكن بناء الأنظمة وترقية مستوى الإنتاج ما يؤدي إلى تعزيز الأداء وتجنب الأخطاء الطبية.
أيضاً فهم النظم وأثرها على رعاية المريض: ويتعلم منه الطلاب أن الرعاية الصحية لا تقتصر على جهاز واحد، بل تتعداه إلى مجموعة من الأجهزة والنظم الخاصة بالمؤسسات والإدارات والوحدات، وهي تتعلق كذلك بالممارسة والخدمات المقدمة، فضلاً عن العلاقات بين مختلف الجهات التي تقدم الرعاية الصحية وما سواها.
وفاعلية فريق العمل ويركز على فهم طلاب الطب للعمل الجماعي، وما ينتج عن ذلك من فوائد وإيجابيات لأداء الفرق متعددة التخصصات، ولكيفية تأثيرها على تحسين وتطوير برامج رعاية المرضى والحد من الأخطاء.
والاستفادة والتعلم من الأخطاء: وهو يلزم طلاب الطب الاطلاع على أسباب وكيفية تدني عمل الأجهزة وأيضاً معرفة أسباب الأخطاء، وبالتالي يمكنهم الاجتهاد في تجنبها والتعلم منها، ويتعلم الطلاب أيضاً أن وسيلة التعرف على الأخطاء، والسعي إلى فهم أسبابها أفضل من أساليب إلقاء اللوم على الآخرين بسبب أخطائهم الشخصية.
إضافة إلى إدارة المخاطر السريرية: حيث يتعرف عليها طالب الطب والحفاظ على نظم الرعاية الآمنة وإدارة الجوانب السلبية والتغلب عليها، وتركز هذه الإدارة علي تطوير الجودة والخدمات المتعلقة بالرعاية الصحية الآمنة من خلال الوقوف على الملابسات والظروف التي تجعل المرضى يتعرضون للمخاطر والأضرار، ومن ثم بذل محاولات جادة للسيطرة عليها.
ومقدمة حول وسائل تطوير الجودة: حيث يتعلم طالب الطب برامج الرعاية الصحية التي تحتوي على مجموعة من وسائل تطوير الجودة، وكيفية امتلاك الأطباء للأدوات اللازمة لتحديد المشكلة وقياسها، واقتراح السبل إلى معالجة المشكلة.
والتعامل مع المرضى ومقدمي الخدمة ويتم تعريف الطالب على مفهوم الرعاية الصحية الذي يؤكد على إدماج المريض والمختص بالعناية ضمن فريق الرعاية الصحية، وكذلك على أن المرضى والمختصين بالعناية يؤدون دوراً رئيسياً يكفل تقديم رعاية صحية آمنة، وذلك من خلال المساعدة في التشخيص، واتخاذ القرار فيما يتعلق بالعلاج الملائم.
ومنع العدوى بتطوير وسائل مكافحتها فأضيفت مشكلة السيطرة على العدوى في برامج الرعاية الصحية باعتبارها تشكل نسبة عالية من أسباب الوفيات والإعاقات في العالم، وهناك العديد من الخطوات والإجراءات التي تساعد الأطباء والممرضين على التقليل من احتمالات انتقال وتفشي العدوى.
أيضاً سلامة المرضى عند إجراء العمليات الجراحية فيتعلم طالب الطب السبل التي تؤدي إلى تجنب الأخطاء المتعلقة بالعمليات الجراحية مع تعزيز معرفة أهمية التواصل الفعال مع المرضى، واكتمال الإجراءات التي تسبق العمليات. وتحسين سلامة الدواء بهدف تعريف الطالب بإجراءات تحسين سلامة الدواء نظراً لتعرض بعض المرضى للأخطاء التي تحدث بسبب طرق كتابة الوصفات الدوائية، وبإدارة الأدوية وصرفها.
وأشار د. المعمري بأن هناك توجهات من قبل الاتحاد العالمي لسلامة المرضى لتطويع هذا المنهج ليناسب التخصصات الصحية الأخرى مثل التمريض والصيدلة والأسنان والعلوم الطبية التطبيقة مدعوما برغبة أكيدة من المختصين في هذا المجال بأن يتم دمج كل ما يخص سلامة المريض في هذه المناهج، وأن يتم اتخاذ خطوات عملية من قبل كليات الطب بتسريع تطبيق الكثير من المواضيع السابقة عن سلامة المريض في مناهجها لكي يترجم الاهتمام الكبير الذي لقيه المؤتمر على أرض الواقع، وهذا المأمول والمتوقع خلال الفترة القادمة إن شاء الله.
وحول كيفية استفادة الكليات الطبية السعودية من هذا المفهوم في التعليم الطبي، أشار إلى أن جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية قامت بتنظيم مؤتمر برعاية وزير التعليم العالي، الأسبوع الماضي حضره عدد من عمداء كليات الطب السعودية وطرح من خلاله نموذج سلامة المريض في المناهج الطبية كما تبنته منظمة الصحة العالمية، كما عرضت بعض التجارب العالمية والمحلية في هذا الشأن، وهذا سيكون محفزاً لأن تسعى الكليات المحلية إلى إدراج مفاهيم سلامة المرضى ضمن مناهجها الطبية، بغرض الحصول على جيل جديد من الأطباء مدرك وواع ومتدرب على كيفية التعامل مع مفاهيم سلامة المرضى.
أخيراً يرى الدكتور المعمري بأن الخطأ الطبي موضوع شائك ولتقليص الأخطاء الطبية هناك حاجة إلى تعريفها أولاً وتحليلها واتخاذ الحلول الآنية والمستقبلية لتقليصها، وما إدخال مفاهيم سلامة المرضى ضمن المناهج وطرق التدريب سوى بعض الحلول طويلة المدى التي ستقود بحول الله إلى تلقيص حجم وآثار هذه الظاهرة المزعجة للمجتمع بصفة عامة وللمجتمع الصحي بصفة خاصة.

موضوع صحي: الاستثمار في الكوادر الصحية.. ضرورة وطنية مُلحَّة

الاستثمار في الكوادر الصحية.. ضرورة وطنية مُلحَّة

د. محمد بن سعد المعمري

إن الاستثمار لا يكون مجديًا إذا اقتصر على بنيته الهيكلية الظاهرة للعيان والمتمثلة في المباني والمنشآت والمصانع والمستشفيات، ولذلك فإن نجاحه يستلزم - بداية - توسيع آفاقه لتشمل القوى البشرية حتى يتكامل ظاهره مع محتواه. والاهتمام بالمحتوى يعني إعداد كوادر ذات كفاءات ومهارات عالية ومتقدمة وتهيئتها في كثير من المجالات الحيوية لكونها الطاقة المحركة والعمود الأساسي لعجلة الإنتاج والتنمية.
ولا شك أننا جميعًا نرصد ونتابع ارتفاع معدلات النمو السكاني في المملكة العربية السعودية خلال العقود الماضية، الذي صحبه تطور ملحوظ في مستويات التعليم والتأهيل والتدريب، وهذا أدى بدوره إلى ارتفاع قدرة سوق العمل السعودي على استيعاب الأعداد المتزايدة من الكفاءات العلمية والمهارات المهنية والحرفية التي تدخل ساحته سنويًّا، لا سيما وأن الاقتصاد السعودي يتنامى بإيقاع متسارع يتجاوز المعايير المتعارف عليها عالميًّا في حركة النمو والتطور، ونتجت عن ذلك طفرة اقتصادية شاملة في كل المجالات اتَّسعت مظلَّتها لتعمَّ أرجاء الوطن كله، وفي إطار هذا النمو المطَّرد كان للقطاع الصحي نصيب وافر من الاهتمام في ذهنية المُخطِّط السعودي، وحظي بميزانيات مقدَّرة في خطط الدولة الخمسية.
وعكس هذا اهتمام ولاة الأمر وحرصهم الكامل على المواطن بوصفه رأسمال التنمية ومحور حركة النماء والتطور. وتجلَّى هذا الحرص وهذا الاهتمام بصورة واضحة في عدد من الصروح الصحية المتكاملة مظهرًا وجوهرًا بالقطاعين الحكومي والخاص؛ فضلاً عن التوسُّع والتطوير المستمر والمتتابع في بنية القائم منها الآن وخدماته. وتُمثل الخدمات الصحية المتاحة والمتوفرة حاليًّا ضلعًا أساسيًّا في منظومة الخدمات التي يتمتَّع بها المواطن السعودي في مختلف جوانب حياته، ويواكب هذا التوسُّع الطلب المتنامي على هذا النوع من الخدمات، ويرمي إلى تخفيف الضغط والأعباء المتزايدة بدورها على القطاع الصحي.

ومما لا شك فيه أن الطلب على الخدمات الصحية يعدُّ انعكاسًا طبيعيًّا لتطور أنماط الحياة المدنية، ولاكتساب المواطنين سلوكيات وعادات اجتماعية جديدة اقترنت بتفشي أمراض عصرية لم تكن معهودة في السابق بهذا القدر من الانتشار، ونتيجة لذلك لا يفتأ العبء على القطاع الصحي يتزايد مع حاجته المستمرة إلى كوادر متخصصة عالية التأهيل.. ولا غرابة في ذلك لأن دول الخليج - وبعض الدول المجاورة - نما لديها احتياج شديد وملح للخدمات الصحية بنسب متفاوتة وذلك لارتفاع دخولها الناتج عن النمو الهائل في عائدات النفط والثروات الأخرى.

ومن ثم فقد أصبح توفير أعداد كافية من الأطباء والصيادلة والممرضين والفنيين في كافة التخصصات يشكل هاجسًا يُقلق القيادات الصحية في مختلف القطاعات، وذلك فضلاً عن الجهد الذي يُبذل لاستقطاب واستقدام كفاءات بمؤهلات عالية بسبب التنافس الكبير بين عدد من الدول، وميل هذه الكفاءات نفسها وتطلعها إلى فرص عمل تتيح لها إمكانية تأمين مستقبل شخصي مناسب لها، وهذا التطلع يضع القيادات الصحية تحت ضغوط إمكانية استمرارها في مواقعها استهدافًا لتقديم خدمات أفضل وأمثل للمواطنين.
ومن هنا تبرز الرؤية الاستراتيجية الحصيفة لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - المبنية على قراءة الحاضر واستشراف المستقبل، والرامية إلى ضخ استثمارات هائلة في هذا المجال، ففي أواخر شهر رمضان المبارك المنصرم، صدرت موافقته - حفظة الله - على قرارات مجلس التعليم العالي الخاصة بإنشاء 17كلية تركَّز جُلُّها في القطاع الصحي، فمنها كليات للطب والصيدلة والعلوم الطبية التطبيقية والتمريض والعلاج الطبيعي. وتضاف هذه القرارات إلى مجموعة أوامر وقرارات أخرى بإنشاء عدد من الجامعات ليتجاوز عدد جامعاتنا الوطنية 20جامعة خلال فترة وجيزة لتُلبِّي عبر تخصصاتها المختلفة متطلبات الخطط الخمسية الطموحة التي تستهدف توسيع قاعدة التنمية لتشمل المجالات الحيوية كافة في بلادنا.
ويقينًا فإن نتائج مثل هذه القرارات الاستراتيجية والخطط الطموحة لا تظهر على المدى القريب؛ بل هي في حقيقتها استثمار طويل الأمد يرمي إلى تخريج أجيال قادرة على الإسهام الفاعل في إعداد وتهيئة كفاءات ومهارات وطنية تشارك بدورها في تغطية احتياجات الخدمات الصحية حتى يتحقق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحيوي.
إن مسؤولية تنفيذ مثل هذه القرارات وتحويلها إلى واقع ماثل تقع على عاتق مسؤولي التعليم العالي في مستوياته كافة، ذلك أن إنشاء كلية صحية على سبيل المثال يتطلب البحث عن قدرات أكاديمية متميزة تحمل تأهيلاً عاليًا في التخصصات الصحية المختلفة، إضافة إلى تمكُّنها من مجال التعليم الطبي والصحي، وهو بالطبع يختلف عن إنشاء مدرسة في التعليم العام الذي يُطبِّق معايير موحَّدة في اختيار العاملين، بجانب توفر مناهج يتم تصميمها وإعدادها مركزيًّا لخدمة هذا القطاع ككل. ومن المعلوم أن أي تخصص صحيح يتفرع إلى فروع عديدة ودقيقة تجعل من عملية تحديد التخصصات المختلفة ونوعية العاملين فيها؛ عملية معقدة ترهق القائمين على أمر تلك الجامعات أو الكليات، وهذا علاوة على أن التخصص العلمي لوحده لا يكفي؛ إذ لا بد من خبرة وتخصص في مجال التعليم الصحي تؤهل إلى القيام باختيار مناهج حديثة تعتمد على التعليم التكاملي الذاتي بمنأى عن الطرق التقليدية المشتهرة بالتركيز على التلقين مع إغفالها الواضح للطالب كأحد أضلاع العملية التعليمية؛ بل وعنصر نشط فيها.
كما يتابع المختصون في التعليم الطبي تطبيق تلك المناهج وطرق التقويم ومراقبة نوعية التعليم ومخرجاته. ولقد استشعر القائمون على جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية أهمية هذا الجانب، وبدأت من حيث انتهى الآخرون، إذ عوَّلت على اختيار مناهج إبداعية عديدة مستوحاة من جامعات عالمية مرموقة، واستطاعت تتويج تلك الجهود بخطوات جبارة تعدُّ الأولى على مستوى الوطن تمثلت في استحداث برنامج للدراسات العليا يختص بتخريج خبرات وطنية في مجال التعليم الطبي والصحي لتشكِّل نواة حقيقية لمختصين تناط بهم مسؤولية الإشراف على البرامج الأكاديمية المتعدِّدة، علاوة على ما يمكن أن يحدثوه من أثر كبير في وضع البرامج الأكاديمية الإبداعية الحديثة التي تعتمد على التعليم التكاملي الذاتي.

ونخلص من ذلك إلى أن المختصين في المجال الطبي أضحوا يمثلون ضرورة لا غنى عنها في سبيل الوصول إلى مخرجات تعليمية متميزة.
ولعل مما يعكس الحرص على السمو بالتعليم الصحي على اختلاف تخصصاته؛ ذلك الجهد المتقدم والمشكور الذي تتولاه الهيئة الوطنية للقياس والاعتماد الأكاديمي، التي استطاعت وضع معايير قياسية شاملة للبرامج الأكاديمية المختلفة تُؤهِّل أي منشأة أكاديمية صحِّية - قائمة أو جديدة - لتقويم نفسها ذاتيًّا كخطوة أولى لجميع كلياتها ومناهجها وخططها وخدماتها المساندة. وتبع ذلك حرصها على زيارة تلك المنشآت من أجل التأكيد على جودة برامجها التعليمية تمهيدًا لاعتمادها.
وفحوى القول إن العوامل الإيجابية التي تحيط بالتعليم الصحي ستؤدي - بحول الله - إلى تعليم صحي أكاديمي متميز بمخرجاته التعليمية ذات المستوى العالي التي ستكون داعمًا أساسيًّا للخدمات الصحيَّة المقدمة للطبقات والمستويات كافة.

@ جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية

موضوع طبي: البخاخ ذو القرص


موضوع طبي: استخدام البخاخ احادي الجرعة


موضوع طبي: استخدام توصيلة البخاخ


موضوع طبي: استخدام البخاخ التربيني




موضوع طبي: حماية أطفالنا وشبابنا من التدخين

حماية أطفالنا وشبابنا من التدخين
د. محمد بن سعد المعمري
استشاري الأمراض الصدرية
مدينة الملك عبد العزيز الطبية
جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية

بينت دراسة في إحدى مناطق المملكة عبر استبيان وزع على طلاب المدارس أن أكثر من ثلث العينة مدخنين حاليين أو سبق لهم التدخين، والمقلق أن أغلبهم بداء التدخين بين سن 13 – 15 سنة. ويدعم تلك الدراسة أوراق علمية عديدة تعطى ارقام مقلقة عن نسب التدخين لدى أبنائنا وبناتنا والخطر الذ يواجههم من الادمان على مشتقات التبغ. الوجة الأخر لتلك الارقام يكشف لنا استراتيجية شركات التبغ للوصول إلى أكبر شريحة من الشباب والشابات في تلك العمر أو ما يسمى مرحلة المرهقة. لإنه إذا تجاوز الأنسان مرحلة العشرينات من عمره، فإحتمالية ادمانه على التدخين تتضأل بشكل كبير. فمع تراجع مبيعات شركات التبغ في بلدانها الأصلية، وجهت حملاتها الشرسة إلى العديد من الدول، والمملكة ليست بعيدة عن تلك الحملة.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، نجد ان هناك حملة قوية ليكون المجتمع خاليا من التدخين بأنوعه، ولم تأتي هذه الحملة من فراغ، بل تم تفعيلها بعد أن أتضح بشكل جلى ما يسببه التدخين من أمراض للقلب والشرايين، والرئتين، والجهاز الهضمي، والعديد من الاورام. وأتخد تأثير التدخين بعدا أقتصاديا بسبب التكلفة المرتفعة للامراض الناتجة عنه على النظام الصحي. ودعم تلك الحملات ما قامت به بعض الشركات في الخمسينات والستينات من القرن الماضي من إخفاء نتائج بعض الدراسات التى أظهرت مبكرا أضراره. لذا نجد ان تلك الدول أقامت العديد من القضايا بالمليارات من الدولارات ضد شركات التبغ. وسعت كذلك إلى مبادرات وتنظيمات لمحاربة التبغ بشتى أنواعه. هذا أدى بطبيعة الحال إلى أن توجه تلك الشركات حملاتها إلى دول العالم الثالث لزيادة مبعاتها وأرباحها التى تأثرت من الحملة المضادة عليها. وبناء على دراسات سيكولوجية، لوحظ أن سنين المراهقة تعد الفترة الذهبية لهم لكسب المزيد من الزبائن، فنجدها ركزت على حملات دعائية متلفزة ودعمت العديد من الفعاليات التى تستهوى هؤلاء الشباب والشابات.

إن حماية أطفالنا وشبابنا لا بد أن تكون على مستوى الوطن وعلى مستوى الفرد. فعلى المستوى الوطني، نجد أن هناك تشريعات أقرت لتساهم في مكافحة التدخين حماية لأبنائنا وبناتنا بمنع التدخين في الاماكن المغلقة، ورفع الرسوم الجمركية على التبغ ومنع التدخين في المطارات والطائرات وإبعاد محلات المعسل من وسط المدن وغيرها. إن تفعيل مثل تلك التنظيمات بشكل كبير والتوسع فيها سيكون له تأثير إيجابي لمحاربة التدخين. وكذلك عند الرجوع إلى جذور المشكلة، فلا بد من التركيز على حملات التوعية في المدارس والجامعات لتحذير النشئ الجديد من مشاكل التدخين العديدة والعمل على تعامل المرشدين مع أي حالات فردية بالنصح والتوجية والارشاد عبر التعاون والتكامل بين البيت والمدرسة.
أما على مستوى الفرد، فلا بد من التعامل مع أحد أهم المسببات وهو تدخين أحد الوالدين أمام أبنائه وأهله في المنزل أو السيارة، والذي يعتبر - وبدون مبالغة - جريمة من الأب في حق أعز الناس لديه ، فإضافة إلى احتمال تعودهم وتقليدهم لوالدهم في التدخين، يسبب التدخين مشاكل عديدة للأطفال، خصوصاً ممن لديهم حساسية في الأنف والجيوب الأنفية، أو تتطلب حالتهم استئصال اللوز. فأعراض الجهاز التنفسي مثل السعال وصفير الصدر تكثر لدى الأطفال الذين يعيشون بين أبوين مدخنين، عند مقارنتهم مع أمثالهم من أطفال يعيشون عند أبوين غير مدخنين، كذلك احتمالية أن يتطور التهاب اللوزتين بما يتطلب استئصالهما، أكثر بكثير لدى الأطفال الذين يعيشون لدى أبوين مدخنين. ففي دراسة أُجريت على عينة من (892) طفلاً، وبيَّنت أن نسبة أعراض الجهاز التنفسي كانت (15%) لدى الأطفال الذين لم تستأصل اللوزتين لديهم، ويعيشون لدى أبوين مدخنين، هذه النسبة ترتفع إلى (37 %) عند الأطفال الذين تم استئصال اللوزتين لديهم. مثل هذه الدراسة الهامة تبينِّ بشكل كافٍ ووافٍ مدى معاناة الأطفال الذين يعيشون لدى والدين مدخنين.


إن التدخين له مضار كثيرة على المدخن، إلاّ أنه ينبغي أن يتنبه غير المدخنين للأضرار التي تصيبهم عند مجالستهم للمدخنين، وكذلك نجد أن هذه فرصة لتوجيه نداء للمدخنين أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي مجتمعهم، وفي أعز الناس لديهم، وهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم، لحمايتهم من أضرار التدخين، قال الله تعالى:"وَلاَ ُتلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَهْلكُةِ"


تقرير: تعزيز مهارات أعضاء التدريس في العملية الاكاديمية

تعزيز مهارات أعضاء التدريس في العملية الاكاديمية

د. محمد بن سعد المعمري


تكمن أهم عناصر العملية التعليمية في الطالب والمعلم والمنهج، ومع تطور مفاهيم التعليم في العقود الماضية؛ اتخذ المعلم أهمية كبيرة بُغية الوصول إلى مخرجات تعليمية متميزة، وفضلا عن ذلك فقد حدثت تغييرات كبيرة في العملية التعليمية بعد تحولها من الاعتماد على المعلم إلى الاعتماد على الطالب، لذا لم تعد معلومات المعلم وخبرته كافيتين للوصول إلى مرحلة التميز؛ بل أصبح من اللازم والملح تعزيز مهاراته وتطوير قدراته ليكون عنصرًا موجِّهًا لطالبه لا ملقنًا له. وتنبَّهت كلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية في وقت مبكر إلى هذا المفهوم المعاصر، فعملت على تطبيق مناهج حديثة ومتطورة تعتمد على استثارة فكر الطالب وتحريك طاقاته الذهنية كي يستوعبها ويتفاعل معها بسهولة وسلاسة من خلال الوسائل والأوعية التقنية المتاحة له بما يدعم ويؤكد إمكانية الوصول إلى تطبيقات متطورة في التعليم.
واستشعرت الجامعة مبكرًا أهمية مواكبة طرق التعليم وترقية قدرات أعضاء هيئة التدريس لتلك المناهج؛ فركزت على تحديث أساليب نقل وتوصيل المعلومة للطلاب، وعلى تعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس وتنمية خبراتهم. وبتطبيق مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالحرس الوطني تميزها بتطبيق أعلى المعايير المهنية، استطاعت استقطاب أفضل الخبرات الطبية مما أهَّلها إلى الريادة فيما يتعلق بالرعاية الصحية المتقدمة، وإلى أن تنال قصب السبق والتفوق والشهرة في العديد من المجالات مثل زراعة الأعضاء والكلى والكبد وفصل التوائم السيامية وعمليات القلب المفتوح والعناية الحرجة وطب الاسعاف وغيرها، وأصبحت بذلك مرجعية عالمية ضمن قائمة المراكز الدولية المتخصصة والمرموقة. كما أن المشاريع الجبارة التى تبنى الان ستزيد الطاقة الاستيعابية للمدينة من قرابة 850 سريرا إلى قرابة 1400 سرير عبر العديد من المراكز التخصيصية مثل مستشفى الملك عبدالله التخصصي للاطفال ومستشفى الرعاية الصحية والعديد من التوسعات في الاسعاف والعناية الحرجة. كما حققت كذلك تقدمًا ملموسًا ومميزًا في برامج التدريب للدراسات العليا منذ إنشائها في منتصف الثمانينيات الميلادية بحيث شملت في وقتنا الحالى كافة التخصصات الرئيسة والعديد من الخصصات الفرعية الدقيقة، ويقدر بإن قرابة ربع المتدربين على مستوى الوطن يقضوت تدريبهم في مدن الملك عبدالعزيز الطبي.
وعزز هذا التميز سعي كلية الطب إلى تعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس في مختلف جوانب التعليم وطرقه الحديثة، وانطلقت رؤيتها إلى ذلك من مفهوم مؤسسي بحيث تُحدَّد أهداف هذا البرنامج بوضوح ليخدم التوجهات والتطلعات، ولقى دعم كبيرا وذللة الصعوبات أمامه لكي يخدم المسسة. وصمِّم البرنامج بحيث يقدِّم دورات أساسية في التعليم عامة والتعليم المبني على حل المشكلات من خلال ابتعاث أعضاء هيئة التدريس لحضور دورات متقدمة في الجامعات التي تهتم بهذا المجال مثل جامعة ماسترخت بهولندا، ومن ثم تكوين نواة تقود هذه العملية، وتم استقطاب خبرات كبيرة في مجال التعليم الطبي لتدعم عملية التطوير، وتبع ذلك تنظيم دورة حول الاتجاهات الإبداعية في التعليم الطبي حضرها حتى الآن 180 من أعضاء هيئة التدريس بالرياض فرعي الجامعة بجدة والأحساء، إضافة إلى بعض زملائهم بالجامعات السعودية، ودعى الى اليها خبرات عالمية رائدة في هذا المجال، مع تفريغ كامل لأعضاء هيئة التدريس من مهامهم خلال تلك الفترة رغبة في زيادة تحصيلهم. كما عقدت دورات عديدة متخصصة استهدفت تسهيل عملية إدارة المناهج الأكاديمية بحيث يتم توحيد الطرق التى يتم فيها رعاية الدورات والمنهج حسب أفضل المعايير المتاحة وعبر دعوت الخبرات التى ساهمت في وضع أسس هذا المجال، ودورات أخرى أساسية عقدها أعضاء هيئة التدريس ثم دورات متقدمة دُعيت إلى المشاركة فيها خبرات عالمية مثل الأستاذ الدكتور كلارك هزلت والأستاذ الدكتور كيس فان ديرفلينتن وبذل يتم الابتعاد عن المفهوم التقليدى بأن المعلم هو المسؤول الكامل عن الامتحانات الى مفهوم جديد يتم فيه اعداد الامتحانات عبر لجان تسعى الى ربط الاسئلة بالاهداف التعليمية والى أن يكون التقويم والامتحان أحد المحفزات الى التعلم مع التركيز على أهمية التغذية الراجعة، وكذلك عقدت دورات في إعداد الحالات التعليمية ودورة للمشرفين على المناهج شارك في تقديمها الأستاذ الدكتور أنيكا وفهيجن والأستاذ الدكتور ديان دولمنز، وذلك بسبب ان التعليم المبنى على حل المشكلات يعتمد على اعداد حالات ذات محتوى تعليمي محدد، ويناقشها الطلاب لتثير عملية التحفيز الذهنى، واعداد هذه الحالات أو المشاكل يتطلب مهارات خاصة في المناهج التعليمية والقدرة على الكتابة ومعرفة شروطها مع توافر الخبرة في مجال وتخصص الحالة. إضافة إلى دورات في محاور مهنية ودور الطبيب في المجتمع والتى ميزت منهج كلية الطب عن العديد من مناهج كليات المنطقة بحيث أن الطالب يعى أهمية دوره في خدمة المجتمع وكيف يتعامل بمهنية عالية وكيف يقدم دائما سلامة المريض. واستمر تنظيم هذه الدورات عبر برنامج شامل ومتميز عبر تركيز الكلية على مجموعات من أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات من أجل تطوير خبراتهم لكي يقوموا بتكوين الخبرات اللازمة لقيادة عملية التطوير الشاملة التى تقوم الكلية في العديد من المجالات المتخصصه، وحرصت في الوقت نفسه على عقد جلسات نقاش وعمل أسبوعية بحضور أعضاء هيئة التدريس بغرض تقوية أواصر التواصل، ولم تغفل في هذا المنحى عن المشاركة في المحافل العالمية عبر حضور الندوات والمؤتمرات وورش العمل الجماعية لتمثيل الوطن بخبرات وطنية رائدة في العديد من المؤتمرات في مختلف دول العالم، ومن أمثلة ذلك المؤتمر المشترك الذي استضافته جامعة سيدني بأستراليا على هامش فعاليات مؤتمر أوتوا للتعليم الطبي العالمي، وفيه تم استعراض تجربة كليات الطب الرائدة في تطبيق مناهج من بيئات مختلفة وكيفية تطويعها، وقد لقى هذا المؤتمر تقبلا وتقديرا للعلمية التطويرية الشاملة التى تقوم بها جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية.
ويعد برنامج ماجستير التعليم الطبي رائدًا ومميزًا فيما يتعلق بتأهيل حوالي 50 عضو هيئة تدريس للتخصص في هذا المجال، ولم تغفل الجامعة الجانب الوطني؛ إذ خصصت مقاعد لأعضاء هيئة التدريس في العديد من الجامعات استشعارًا منها لأهمية هذا التخصص. ومما يدعو للفخر أنه أول برنامج للتعليم الطبي على مستوى الوطن، ويشكل على العديد من الدورات في كافة مجالات التعليم الطبي مع قيام كافة الملتحقين بهذا البرنامج بعمل بحث يساهم في عملية تطوير الجامعة، مثل إحدى رسائل المجاستير عن التقوييم الطلابي والاشراف في المراحل السريرة تحت أشراف أحد أفضل الخبرات العالمية والذي أسهم في أدخال طرق تقويم حديثة لقيت استحسانا كبيرا من الطلاب وأعطت دعما كبيرا عند القيام بعملية الاعتماد الاكاديمي. كما هيئة الكلية الفرصة لبعض اعضاء هيئة التدريس لتقديم مشاريع رسائل دكتوراة في العديد من مجالات التعليم الطبي والتى من المتوقع أن تثرى الحراك العلمي في هذا المجال وتسقطب له العديد من المختصين الذين سيدفعون عجلة التطوير.
ولا شك أن تعزيز مهارات أعضاء هيئة التدريس جانب مهم وملح باعتباره داعمًا للعملية التعليمية بعد أن انتقلت مهمات أعضاء هيئة التدريس إلى التوجيه بدلاً من التلقين، ولعلنا نرى نتيجة هذا التوجه ظاهرة للعيان وتنعكس بجلاء في تحقيق خريجي الدفعة الأولى بالكلية إلى نتائج باهرة في امتحان القبول الشامل الذي عقدته الهيئة السعودية للتخصصات الطبية بإحرازهم للمركز الأول متفوقين على زملائهم في الكليات النظيرة، وتجسد كذلك في مشاركة الكلية الفاعلة في المؤتمر الطلابي الذي عقد في مدينة العين بدولة الأمارات العربية المتحدة والتي اعتبرت الأكبر والأوسع بين جامعات المنطقة برغم حداثة الكلية، ويعود ذلك إلى كفاءة وتميز أعضاء هيئة التدريس الذين تفتخر بهم الجامعة.
كما أن التقرير الأولي للمنظمة الدولية للتعليم الطبي التي تولت حديثًا تقييم كلية الطب يعدُّ علامة مميزة ومفخرة للكلية بعد أن حصلت على أعلى المعايير المهنية في المجال الأكاديمي، وركز فريق التقويم على تفوق الكلية في برنامج تعزيز قدرات ومهارات أعضاء هيئة التدريس في بيئة أكاديمية راقية متمثلة في مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالحرس الوطني، وهذا بلا شك يعكس حرص القيادة واهتمامها بالتعليم العام والعالي، وما يحظى به من دعم سخي ومستمر من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله.