الأحد، 27 سبتمبر 2009

موضوع طبي: حماية أطفالنا وشبابنا من التدخين

حماية أطفالنا وشبابنا من التدخين
د. محمد بن سعد المعمري
استشاري الأمراض الصدرية
مدينة الملك عبد العزيز الطبية
جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية

بينت دراسة في إحدى مناطق المملكة عبر استبيان وزع على طلاب المدارس أن أكثر من ثلث العينة مدخنين حاليين أو سبق لهم التدخين، والمقلق أن أغلبهم بداء التدخين بين سن 13 – 15 سنة. ويدعم تلك الدراسة أوراق علمية عديدة تعطى ارقام مقلقة عن نسب التدخين لدى أبنائنا وبناتنا والخطر الذ يواجههم من الادمان على مشتقات التبغ. الوجة الأخر لتلك الارقام يكشف لنا استراتيجية شركات التبغ للوصول إلى أكبر شريحة من الشباب والشابات في تلك العمر أو ما يسمى مرحلة المرهقة. لإنه إذا تجاوز الأنسان مرحلة العشرينات من عمره، فإحتمالية ادمانه على التدخين تتضأل بشكل كبير. فمع تراجع مبيعات شركات التبغ في بلدانها الأصلية، وجهت حملاتها الشرسة إلى العديد من الدول، والمملكة ليست بعيدة عن تلك الحملة.

ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، نجد ان هناك حملة قوية ليكون المجتمع خاليا من التدخين بأنوعه، ولم تأتي هذه الحملة من فراغ، بل تم تفعيلها بعد أن أتضح بشكل جلى ما يسببه التدخين من أمراض للقلب والشرايين، والرئتين، والجهاز الهضمي، والعديد من الاورام. وأتخد تأثير التدخين بعدا أقتصاديا بسبب التكلفة المرتفعة للامراض الناتجة عنه على النظام الصحي. ودعم تلك الحملات ما قامت به بعض الشركات في الخمسينات والستينات من القرن الماضي من إخفاء نتائج بعض الدراسات التى أظهرت مبكرا أضراره. لذا نجد ان تلك الدول أقامت العديد من القضايا بالمليارات من الدولارات ضد شركات التبغ. وسعت كذلك إلى مبادرات وتنظيمات لمحاربة التبغ بشتى أنواعه. هذا أدى بطبيعة الحال إلى أن توجه تلك الشركات حملاتها إلى دول العالم الثالث لزيادة مبعاتها وأرباحها التى تأثرت من الحملة المضادة عليها. وبناء على دراسات سيكولوجية، لوحظ أن سنين المراهقة تعد الفترة الذهبية لهم لكسب المزيد من الزبائن، فنجدها ركزت على حملات دعائية متلفزة ودعمت العديد من الفعاليات التى تستهوى هؤلاء الشباب والشابات.

إن حماية أطفالنا وشبابنا لا بد أن تكون على مستوى الوطن وعلى مستوى الفرد. فعلى المستوى الوطني، نجد أن هناك تشريعات أقرت لتساهم في مكافحة التدخين حماية لأبنائنا وبناتنا بمنع التدخين في الاماكن المغلقة، ورفع الرسوم الجمركية على التبغ ومنع التدخين في المطارات والطائرات وإبعاد محلات المعسل من وسط المدن وغيرها. إن تفعيل مثل تلك التنظيمات بشكل كبير والتوسع فيها سيكون له تأثير إيجابي لمحاربة التدخين. وكذلك عند الرجوع إلى جذور المشكلة، فلا بد من التركيز على حملات التوعية في المدارس والجامعات لتحذير النشئ الجديد من مشاكل التدخين العديدة والعمل على تعامل المرشدين مع أي حالات فردية بالنصح والتوجية والارشاد عبر التعاون والتكامل بين البيت والمدرسة.
أما على مستوى الفرد، فلا بد من التعامل مع أحد أهم المسببات وهو تدخين أحد الوالدين أمام أبنائه وأهله في المنزل أو السيارة، والذي يعتبر - وبدون مبالغة - جريمة من الأب في حق أعز الناس لديه ، فإضافة إلى احتمال تعودهم وتقليدهم لوالدهم في التدخين، يسبب التدخين مشاكل عديدة للأطفال، خصوصاً ممن لديهم حساسية في الأنف والجيوب الأنفية، أو تتطلب حالتهم استئصال اللوز. فأعراض الجهاز التنفسي مثل السعال وصفير الصدر تكثر لدى الأطفال الذين يعيشون بين أبوين مدخنين، عند مقارنتهم مع أمثالهم من أطفال يعيشون عند أبوين غير مدخنين، كذلك احتمالية أن يتطور التهاب اللوزتين بما يتطلب استئصالهما، أكثر بكثير لدى الأطفال الذين يعيشون لدى أبوين مدخنين. ففي دراسة أُجريت على عينة من (892) طفلاً، وبيَّنت أن نسبة أعراض الجهاز التنفسي كانت (15%) لدى الأطفال الذين لم تستأصل اللوزتين لديهم، ويعيشون لدى أبوين مدخنين، هذه النسبة ترتفع إلى (37 %) عند الأطفال الذين تم استئصال اللوزتين لديهم. مثل هذه الدراسة الهامة تبينِّ بشكل كافٍ ووافٍ مدى معاناة الأطفال الذين يعيشون لدى والدين مدخنين.


إن التدخين له مضار كثيرة على المدخن، إلاّ أنه ينبغي أن يتنبه غير المدخنين للأضرار التي تصيبهم عند مجالستهم للمدخنين، وكذلك نجد أن هذه فرصة لتوجيه نداء للمدخنين أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي مجتمعهم، وفي أعز الناس لديهم، وهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم، لحمايتهم من أضرار التدخين، قال الله تعالى:"وَلاَ ُتلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَهْلكُةِ"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق