الثلاثاء، 22 سبتمبر 2009

موضوع طبي: أمراض الاماكن المرتفعة

أمراض المرتفعات تحدث عند التسلق وتؤدي إلى مشاكل صحية
مرضى هبوط القلب واضطرابات الدم والربو الحاد والجلطة الدماغية لا يُنْصحون بالسفر إليها

جدة: «الشرق الأوسط» يقدر أن هناك عشرات الملايين من البشر يعيشون في أماكن مرتفعة من الكرة الأرضية، اكتسبوا من طول بقائهم هناك العديد من التغيرات الوظيفية، التي مكنتهم من العيش والبقاء في هذه الارتفاعات بدون مشاكل صحية تذكر.
إلا أن الانتقال من أماكن منخفضة إلى أماكن مرتفعة بشكل مفاجئ، أو العيش في أماكن مرتفعة لغير المتعودين عليها، تؤدي لديهم إلى مشاكل صحية عديدة، فعند الارتفاع عن سطح الأرض يقل الضغط الجوي ويقل تركيز الأوكسجين، فيضيق الصدر ويتم الإحساس بالكتمة (كتم الأنفاس)، التي تصل إلى وضع حرج عند الارتفاعات العالية جداً. ويصاب بالفعل العديد من المسافرين إلى هذه الأماكن المرتفعة بمشاكل صحية عديدة، أو أعراض تنسب لإرهاق السفر، أو اختلاف مواعيد النوم، أو تغير المكان. وعند معرفة كونها ناتجة عن الأماكن المرتفعة، يتم التعامل معها بشكل متخصص وأكثر دقة.
الدكتور محمد بن سعد المعمري، استشاري الطب الباطني والأمراض الصدرية بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض، والأستاذ المساعد بكلية الطب بجامعة الملك سعود للعلوم الصحية، يقول إن أمراض الأماكن المرتفعة تحدث عند ارتفاعات تتجاوز 2400 متر فوق سطح البحر، وعند ارتفاعات أعلى من 4000 متر للمتسلقين المحترفين، فمثلاً عندما يتم نقل إنسان طبيعي من مستوى البحر إلى قمة جبال ايفرست فجأة، فإنه يصاب بفقدان الوعي لان الضغط الجوي ينخفض كلما ارتفعنا فوق مستوى سطح البحر. تختلف المشاكل الصحية التي تحدث عند الارتفاعات العالية متأثرة بعوامل عديدة منها: عامل السن (فتزداد عند الصغار والمسنين)، وجود أمراض مزمنة (كأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب)، وتتأثر بالتدخين، وهناك عوامل أخرى تؤثر على مستوى الأوكسجين أيضاً مثل: درجة الحرارة والرطوبة.
من الأمراض التي تحدث في الأماكن المرتفعة:
ـ الدوار: تحدث هذه الحالة عند نسبة كبيرة من المسافرين للأماكن المرتفعة بسبب نقص الأوكسجين، وتبدأ عادة بعد (12 ـ 24) ساعة، ويكون تأثيرها اكبر عند النوم. ومن أهم أعراضها ظهور صداع، غثيان، دوخة، إرهاق، واضطرابات النوم. وتختفي الأعراض عادة من تلقاء نفسها خلال يوم إلى ثلاثة أيام، إلا إذا تطورت إلى استسقاء رئوي. وإذا حدثت هذه الأعراض، يجب اعطاء الأوكسجين، وإلا فينبغي الهبوط إلى أماكن يقل ارتفاعها بـ 500 إلى 1000 متر. ويتم العلاج بإعطاء أدوية مناسبة حسب الأعراض، مثل الأسبرين والبنادول للصداع، وأدوية الغثيان. وتعد بعض مدرات البول، ذات تأثير فعال لهذه التغيرات. ولتجنب حدوث دوار الأماكن المرتفعة، ينبغي التدرج في الارتفاع وترك بعض الوقت لكي يتكيف الجسم مع كل ارتفاع جديد.

ـ اضطرابات الدماغ: يتطور أحيانا دوار الأماكن المرتفعة إلى احتشاء دماغي يسمى الوذمة الدماغية، ينتج عن هذه الحالة تغير في مستوى الوعي واضطراب في القدرة على المشي. إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، فإن هذه الحالة تتطور إلى إغماء بعد عدة أيام، وقد تؤدي للوفاة. ويتم علاج هذه الحالة عند ظهور علامات اضطراب المشي، ويكون ذلك بالهبوط إلى مستويات اقل، وإعطاء الأوكسجين، وجرعات عالية من الكورتيزون كل 6 ساعات.
ـ الاحتقان الرئوي: يتم تشخيص هذه الحالة بظهور أعراض الإرهاق، الضعف، ضيق النفس، والسعال، وتظهر عادة بعد يوم أو يومين من الصعود للاماكن المرتفعة. تزداد هذه الحالة في الأجواء الباردة، وعند الرجال، وصغار السن، ومن لديهم أمراض القلب أو الرئتين. ويتم علاجها بالإجراءات السابق ذكرها مع حفظ الشخص المصاب في مكان دافئ مريح، ويتم الوقاية منها بالارتفاع تدريجياً، واستخدام بعض أدوية الضغط ومدرات البول، والأوكسجين.
ـ مشاكل أخرى: تؤدي الأماكن المرتفعة إلى مشاكل صحية أخرى مثل: زيادة احتمالات تخثر الدم، اضطرابات الجهاز العصبي مثل الضعف والصداع، الإغماء في الأماكن المرتفعة، ويحدث عند استهلاك الوجبات الكبيرة أو الكحول، احتقان الساقين، تغيرات غير طبيعية في الشبكية، واضطرابات القولون وكثرة الغازات.
ونظراً لكثرة المشاكل الصحية الناتجة عن السفر للأماكن المرتفعة التي يتجاوز ارتفاعها 2400 متر فوق سطح البحر، فهناك بعض الحالات الصحية التي لا ينصح المصابون بها بالسفر إليها، مثل هبوط القلب، ارتفاع ضغط الجهة اليمنى من القلب، ضغط الدم المرتفع غير المتحكم فيه، فقر الدم المنجلي، مرضى الانسداد الرئوي المزمن، الربو شديد الحدة أو غير المتحكم فيه، اضطرابات التنفس عند النوم، الجلطة الدماغية، مرضى اضطرابات الدم، ومرضى الصرع.
نصائح مهمة
* هناك العديد من القواعد العامة التي يجب مراعاتها عند الذهاب للاماكن المرتفعة، وهي:
ـ عند حدوث أي من الأعراض السابق ذكرها، ينبغي أن تنسب للاماكن المرتفعة حتى يثبت العكس.
ـ عندما تزول الأعراض بالمسكنات المعتادة مثل أقراص البنادول، والأقراص المضادة للغثيان، ففي الغالب أن هذه الأعراض غير ناتجة عن الأماكن المرتفعة.
ـ عند ظهور أي من الأعراض السابقة ينبغي الهبوط بشكل فوري إلى مستويات اقل.
ـ يجب أن يكون هناك ترتيب جماعي، لكي يراعي كل شخص الآخر عند السفر بشكل جماعي في حالة حدوث أي من أمراض الأماكن المرتفعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق