الأحد، 20 سبتمبر 2009


لماذا يعود المدخن للتدخين بشراهة بعد شهر رمضان؟
د محمد بن سعد المعمري
استشاري الأمراض الباطنية والصدرية بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني
أحد الجوانب المهمة التي تعكس قوة ارادة الصائم هي قدرة المدخنين عن الامتناع عن التدخين لساعات طويلة في نهار رمضان بل ان كثيراً من المدخنين يمضون شهر رمضان بكامله دون تدخين لكن مع انتهاء الشهر نجدهم يرجعون الى سابق عهدهم وعادتهم السابقة وهذا يبرز اسئلة مهمة وهي ما هي العوامل التي تجعل المدخن يدمن على التدخين؟ ولماذا يستطيع الامتناع عنه في نهار رمضان؟ ولماذا يعود المدخن الى التدخين بشراهة بعد شهر رمضان؟

عند احتراق السيجارة يحترق معها عشرات الغازات والسموم الضارة ومن أهمها مادة النيكوتين ومشتقاتها والتي تعتبر المسبب الرئيسي للإدمان على التدخين فعندما يتوقف المدخن عن التدخين أو ينقطع عنه تظهر لديه الأعراض الانسحابية مثل القلق والصداع وزيادة دقات القلب والتي تزول بعد السيجارة الأولى وهذا ليس هو الضرر الوحيد للتدخين ولكن هناك الكثير من اضراره عند الاستمرار عليه لسنوات طويلة.

ولكن لماذا يستطيع المدخن الامتناع عن التدخين لساعات طويلة في نهار رمضان مع انه قبل هذا الشهر لا يستطيع تركه ولو لساعة واحدة؟! انها الارادة القوية المرتبطة بروحانية شهر رمضان المبارك لاتمام صيام نهاره بدون أي مفسدات للصوم مثل التدخين
مثال آخر يكون لدى المدخن القدرة على اتخاذ قرار الامتناع عن التدخين وهو عند تعرضه لأي موقف عصيب يكون التدخين هو المسبب الرئيسي له مثل حدوث ذبحة صدرية أو نوبة قلبية أو تطور وتدهور مرض الصدر الى درجة الاعاقة أو حدوث انسداد في أحد الشرايين أو الاصابة بأحد الأورام مثل سرطان الرئة التعرض لإحدى هذه التجارب العصبية تولد لدى المدخن الدافع القوي غير المسبوق في الابتعاد عن التدخين وهو بذلك قد اتخذ القرار الرشيد الذي يكون له المردود الايجابي على المدخن وأهله وبيته واصدقائه ولكن يكون هذا القرار لم يأت إلا بعد فوات الأوان أي بعد حدوث ضرر كبير على المدخن.

السؤال الثالث الذي يطرح نفسه لماذا يعود المدخن للتدخين بشراهة بعد نهاية شهر رمضان؟ الاجابة تتلخص في ما يحوي شهر رمضان من روحانية وارتباط المسلم بربه وتفرغه للعبادة اكثر من الأشهر الأخرى وما يتبعها من البقاء في المساجد لأوقات طويلة لأداء الصلاة والتهجد وقراءة القرآن الكريم والانقطاع للعبادة لمضاعفة الحسنات ولكن بعد انتهاء شهر رمضان يرجع الكثير من الصائمين الى سابق عادتهم والى استغراق وقت أكثر في شؤونهم الدنيوية والتي في كثير من الأحيان تكون مرتبطة بظروف تشجع على التدخين وهذه تتطلب عزيمة صادقة وارادة قوية تكبح جماح رغبات النفس في التغلب على الظروف التي تشجع على العودة للتدخين. يلاحظ ان بعض المدخنين ممن تكون لديهم الارادة الصادقة لا يستطيعون مقاومة الاعراض الانسحابية وهنا يأتي دور الطبيب بأن يصف بدائل للنيكوتين الموجود في السيجارة مثل العلك أو اللصقات الحاوية على هذه المادة والتي تمد الشخص الراغب في التدخين بمادة النيكوتين ثم يتم انقاصهابالتدريج حتى يتخلص المدخن من أثرها هذه البدائل تكون نسبة نجاحها قرابة 50%.

وخلاصة القول ان ترك التدخين يتطلب اضافة الى الارادة القوية الامتناع عن أية ظروف تشجع على الرجوع له ونتمنى ان يأتي اليوم الذي نرى فيه مجتمعنا خاليا من التدخين لما له من ضرر صحي ومادي وديني قال الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة
د. محمد بن سعد المعمري
almoamary.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق