الأحد، 27 سبتمبر 2009

موضوع طبي: التوصيات العالمية الجديدة تعطى مزيدا من الأمل لمرضى الربو

التوصيات العالمية الجديدة تعطى مزيدا من الأمل لمرضى الربو
المريض شريكا رئيسا في خطة العلاج

د. محمد بن سعد المعمري
العميد المشارك بكلية الطب واستشاري الأمراض الصدرية
جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية
مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض

يحظى مرض الربو باهتمام عالمي متزايد، فيقدر أن هناك ما لايقل عن ثلاثمائة مليون إنسان مصاب بالربو في العالم. وتختلف الاحصائيات بمختلف مناطق العالم، لكن نسبة الإصابة بالمرض في بعض المناطق تصل إلى 18بالمائة. وتبين إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن تكلفة مرض الربو لا تقل عن واحد بالمائة على النظام الصحي العالمي. ومع أن علاج الربو متوافر ويمكن التحكم به، إلا أن هناك عدد كبير من الوفيات الناتجة عنه. لذا تفرض جميع هذه الحقائق واقعا لا بد من التعامل معه من أجل الوصول إلى رعاية أفضل بمرض الربو.

فتأثير الربو اقتصاديا يتناسب عكسيا مع مستوى التحكم بالمرض، فكلما كان التحكم بالربو افضل، أصبحت تبعاته الصحية والاقتصادية أقل. فعلى سبيل المثال يؤدي عدم التحكم بمرض الربو الى زيارات أكثر لطلب العلاج الاسعافي، ومن المعروف أن تكلفة علاج الربو الاسعافي أعلى كثيرا من تكلفته عند حضور المريض الى زيارة مجدولة. ونظرا لكثرة الأدوية المتاحة لعلاج الربو ولاختلاف وجهات نظر الأطباء المعالجين فقد وجد أن التحكم بمرض الربو وتكلفته تقل بشكل كبير عند تطبيق طرق علاج مقننة ومحكمة ومثبته على الطب المبني على البرهان.

أسئلة تبين احتمالية الاصابة بمرض الربو
· هل حدث لك ازمة أو أزمات ربو متكرر؟
· هل حدث لك نوبات سعال في الليل؟
· هل حدث لك سعال أو أزيز من الصدر بعد التمارين؟
· هل حدث لك أزمة ربو بعد التعرض لمهيجات الحساسية؟
· هل يستمر معك السعال بعد نزلات البرد أكثر من 10 أيام؟
· هل تتحسن الأعراض بعد علاج الربو؟
ولقد قامت المبادرة العالمية للربو والتي يشرف عليها عدد كبير من المختصين والباحثين في مجال الربو والحساسية باعداد توصيات عالمية موحدة. ولقد صدر أولها في منتصف التسعينات ويتم تجديدها بشكل منتظم، وصدر آخر تحديث لها في شهر نوفمبر من عام 2006م محتويا على العديد من المفاهيم التي غيرت طرق التعامل مع حالات الربو. وتحرص التوصيات العالمية للعناية بمرض الربو إلى الوصول إلى التشخيص بشكل مبكر وصحيح، والجدول المرفق يبين الأسئلة التي يفترض أن تطرح على المريض لمعرفة إحتمالية معاناته من المرض وبالتالي عمل الفحوصات اللازمة.

إن من أهم التغيرات التي حدثت في التوصيات الجديدة للمبادرة العالمية اعتمادها على التحكم بالربو لرسم الخطة العلاجية بدلا من الاعتماد على حدته. ويعد هذا التغيير انعكاسا لتغير مفهوم العناية بالمرض بحيث أصبح الهدف الأساسي الوصول إلى تحكم أفضل. ويتم سؤال المريض ستة اسئلة تبين مدى التحكم بالمرض، وهذه الأسئلة : هل حدثت لك أعراض الربو اثناء النهار؟، وهل أثر الربو على فعاليات أدائك اليومي؟، وهل أدى الربو الى استيقاظك في الليل؟، وهل استخدمت بخاخ الربو أكثر من مرتين في الأسبوع؟، وكم قياس وظائف الرئة؟، وهل حدثت لك أزمات ربو السنة الماضية؟. فإذا كانت الاجابة بنعم على سؤالين من الاسئلة السابقة فذلك يعني أن الربو متحكم به بشكل جزئي. أما أذا كانت الإجابة بنعم لثلاثة أسئلة او أكثر فذلك يدل على أن الربو غير متحكم به. وفي أي من الحالات فالتوصيات العالمية تعطي تعليمات محددة وواضحة، فإذا كان الربو متحكم به لفترة شهرين الى ثلاثة اشهر فذلك يستدعي تقليل الأدوية بالتدرج حتى الوصول الى أقل جرعة ممكنة للتحكم بالمرض. أما إذا كان التحكم جزئيا فذلك يستدعي رفع جرعة العلاج الوقائي. وفي حالة ان الربو غير متحكم به فهذا يستدعي تقييم الحالة بشكل أشمل وأعم من أجل الوصول الى تحكم أفضل بالربو. أما عند حدوث أزمات الربو فلابد من التعامل مع الحالة كحالة الاسعافية.

ولا يزال البخاخ الحاوي على الكورتيزون العلاج المفضل لحالات الربو الجديدة، إلا أن هناك براهين على أن الأدوية المضادة لمادة الليكوترين بديلا مقبولا لبخاخ الكورتيزون خاصة في الحالات الخفيفة الحدة ولدى الأطفال. وفي الحالات الأكثر حدة أو غير المتحكم بها فيضاف البخاخ الموسع للقصبات الهوائية طويل الأمد كخيار أفضل، مع الأخذ في عين الاعتبار أمكانية إضافة الأدوية المضادة لمادة الليكوترين أو مضاعفة جرعة بخاخ الكورتيزون. واتضحت الرؤية بشكل اكبر بناء على البراهين المتاحة بالنسبة لعلاج جديد مضاد لاحدى مواد الحساسية (Xolair) والذي يستخدم في الحالة الغير متحكم بها وشديدة الحدة مع استخدام أقراص الكورتيزون ولديها حساسية مثبتة بفحص الجلد او بعض التحاليل المخبرية الخاصة. ويؤدي هذا العلاج الى تحكم أفضل بمرض الربو وتقليل استخدام الكورتيزون.

ولا تزال المبادرة العالمية للربو توصى بتكوين شراكة فاعلة بين المريض والعاملين في المجال الصحي. فمن أهم محاور هذه الشراكة تثقيف المريض عن مرضه، ووضع أهداف مشتركة للوصول إلى تحكم أفضل، كذلك وضع المسئولية على المريض لمعرفة مدى التحكم بالمرض عبر إجابة الأسئلة المذكورة سابقا التي تساعد الطبيب على وضع الخطة العلاجية المناسبة. فلقد أثبتت الدراسات العلمية أن خطة الشركة هذه تؤدى إلى نوعية حياة أفضل للمريض واستخدام أرشد للموارد الصحية بتوجيهها لعدد أكبر من المرضى. وركزت المبادرة العالمية على كيفية طرق تطبيق التوصيات الخاصة بمرض الربو عبر تحديد الوسائل المتاحة والمصاعب المتوقعة، وبالتالي تركيز الجهود للاستفادة الأفضل للإمكانات المتاحة وتذليل العقبات والمصاعب حسب واقع كل مجتمع.

وأخيرا فإن التطورات الكبيرة في علاج مرض الربو والبراهين العلمية المتراكمة تعطى مزيدا من الأمل لمرضى الربو بالوصول إلى تحكم أفضل عبر الأدوية المتاحة وطرق العلاج المتجددة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق